وكذلك إذا قلت: فعل، حينئذٍ تضيع إذا ما قلت أين الفاعل، مباشرة ابحث عن فاعله، كذلك إذا كان يحتاج إلى نائب فاعل.
إذن: (مَنْعُ تَصَرُّفٍ) التصرف المراد به التقلب، سواء كان تصرفاً تاماً أو تصرفاً ناقصاً، مَنْعُ هذا فاعل للزم.
(بِحُكْمٍ) من جميع النحاة (حُتِمَا) هو أي: الحكم، بمعنى ماذا حتم؟ بمعنى لزم، قلنا: الحتم، واللزوم، والوجوب بمعنى واحد، فَالحَتْمُ وَاللاَّزِمُ مَكْتُوبٌ وَمَا، كذلك الكتابة تأتي بمعنى الوجوب.
قال الشارح: لا يتصرف فعلا التعجب بل يلزم كل منهما طريقة واحدة، فلا يستعمل من أفعَل غير الماضي ولا من أفعِل غير الأمر قال المصنف: وهذا مما لا خلاف فيه.
لذلك قال: (قِدْماً لَزِمَا).
وَصُغْهُمَا مِنْ ذِي ثَلاَثٍ صُرَّفَا ... قَابِلِ فَضْلٍ تَمَّ غَيْرِ ذِي انْتِفَا
وَغَيْرِ ذِي وَصْفٍ يُضَاهِي أَشْهَلاَ ... وَغَيْرِ سَالِكٍ سَبِيلَ فُعِلاَ
هذه شروط ما يؤتى به على صيغة ما أفعَل وأفعِل، إذن ليس كل فعل في لسان العرب يتعجب منه، بل لا بد من ثمانية شروط جمعها الناظم في هذين البيتين، وأكثرها مجمع عليه بين النحاة يعني: لا خلاف فيه.
(وَصُغْهُمَا) يعني: اشتق، أو ائت، أو خذ، والصياغة والأخذ والاشتقاق بمعنى واحد، صُغْهُمَا.
(مِنْ ذِي ثَلاَثٍ) هذان شرطان، يعني من فعل ذي ثلاثٍ، فهو على حذف موصوف. صفة لموصول محذوف أي: فعل، أي ثلاثٍ، حينئذٍ اشتملت هذه الكلمة على شرطين: الأول أن يكون الفعل المصوغ منه أفعَل وأفعِل فعلاً لا اسماً، ثانياً: أن يكون مؤلفاً من ثلاثة أحرف لا ما زاد عليه كالرباعي ومزيد الثلاثي ومزيد الرباعي.
(صُرَّفَا) تصرفاً تاماً، يعني متصرف لا بد أن يكون متصرف، فاحترز به عن الجامد، فالجامد كنعم وبئس وعسى وليس لا يشتق منها أفعَل وأفعِل.
(قَابِلِ فَضْلٍ) يعني: قابل للزيادة، يتفاوت في نفسه كالعلم والجهل، وأما فني ومات، هذا لا يتعجب منهما، لماذا؟ لأن الفناء شيء واحد، والموت شيء واحد. هو نزع الروح ليس فيه تفاضل .. زيادة.
(تَمَّ) يعني: تام، وما كان كذلك يعني اكتفى بمرفوعه، وأما ما لا يكتفي بمرفوعه وهو كان وكاد فحينئذٍ لا يتعجب منهما.
(غَيْرِ ذِي انْتِفَا) يعني: غير منفي انتفاء بالقصر للوزن، والمراد به ألا يكون منفياً إما باللزوم أو بالعروض كما سيأتي.
(وَغَيْرِ ذِي وَصْفٍ) يعني اسم فاعل (يُضَاهِي أَشْهَلاَ) أي: في الوزن، وكون مؤنثه على فعلاء، يعني لا يكون على وزن حمِرَ فهو أحمَر، وحمِرَ لا يتعجب منه؛ لأن الوصف منه وهو اسم الفاعل على وزن أفعل كـ أشهل.
(وَغَيْرِ سَالِكٍ سَبِيلَ فُعِلاَ) وَغَيْرِ سَالِكٍ يعني: غير فعل سالكٍ سبيل، يعني: ذاهب طريق (فُعِلاَ) وهو مبني للمجهول، هذه ثمانية شروط: كونه فعلاً ثلاثياً، متصرفاً، قابلاً للتفاضل، تام، غير منفي -يعني: مثبت-، وَغَيْرِ ذِي وَصْفٍ يُضَاهِي أشْهَلاَ وَغَيْرِ سَالِكٍ سَبِيلَ فُعِلاَ، هذه كلها شروط .. أوصاف للفعل المقدر، يعني: إعرابها أوصاف للفعل المحذوف، وهي كلها مفردة إلا قوله: (صُرَّفَا) و (تَمَّ) فإنهما جملتان فعليتان.