للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نِعْمَ وَبِئْسَ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُمَا: يعني: ما سلك مسلك نِعْمَ وَبِئْسَ في المدح والذم كحبذا وساء. ونِعْمَ وَبِئْسَ هكذا: نِعْمَ، أصلهما على وزن فَعِلَ، كذلك بَئِسَ هذا الأصل فيهما، وقد يردان كذلك: نَعِمَ وَبَئِسَ، هذه لغة فيها، أو بسكون العين وفتح الفاء، نَعْمَ، بَئْسَ، نَعم الرجل زيدٌ، وبَئسَ الرجلَ زيدٌ، وكسرها: نعِمَ وبَئِسَ كذلك، وكسر الفاء مع إسكان العين: نِعْمَ وبِئْسَ وهذا هو الأصل، أو بكسرهما معاً: نِعِم وبِئِس، نِعِم هذه مستعمل: نِعِم بكسر الفاء والعين، وكذلك بِئِس، نقول: هذه لغة فيها، وأفصحها: نِعْمَ ثم نِعِم ثم نَعْمَ ثم نَعِمَ هذه أربع لغات، والناظم ذكرها باللغة المشهورة نِعْمَ وَبِئْسَ، وقد يقال في بِئْسَ بَيْسَ، بياءٍ مبدلة عن الهمزة على غير قياس: بِئْسَ بَيْسَ، جميل هذا.

فِعْلاَنِ غَيْرُ مُتَصَرِّفَيْنِ ... نِعْمَ وَبِئْسَ رَافِعَانِ اسْمَيْنِ

نِعْمَ وَبِئْسَ: نِعْمَ مبتدأ مؤخر وبِئْسَ معطوف عليه، وفِعْلانِ: هذا خبر مقدم، غَيْرُ مُتَصَرِّفَيْنِ: هذا نعت لفعلانِ، رَافِعَانِ اسْمَيْنِ، أعربها المكودي نعت لفعلانِ، يعني: نعت ثاني، فِعْلانِ غَيْرُ مُتَصَرِّفَيْنِ رَافِعَان اسْمَيْنِ نِعْمَ وَبِئْسَ هذا التركيب، حينئذٍ فيه فصلٌ بين المنعوت ونعته بالمبتدأ الذي هو نِعْمَ وَبِئْسَ.

قال: ولا يجوز أن يكون غَيْرُ مُتَصَرِّفَيْنِ ورَافِعَانِ أخباراً، لا يجوز أن يكون غَيْرُ مُتَصَرِّفَيْنِ خبر؛ لأنه يحتمل أن نقول: فِعْلانِ: خبر أول، تعدد الخبر، غَيْرُ مُتَصَرِّفَيْنِ هذا خبر ثاني، رَافِعَانِ هذا خبر ثالث، هذا جائز من حيث الصنعة، من حيث الصنعة وَأَخْبَرُوا بِاثْنَيْنِ أَوْ بِأكْثَرَا عَنْ وَاحِدٍ، تقول: هذا جائز، لكن من حيث المعنى لا. ولا يجوز أن يكون غَيْرُ مُتَصَرِّفَيْنِ ورَافِعَانِ أخباراً؛ لأنهما قيد في فعلين، قيد لهما، وليس المراد أن يخبر بهما عن نِعْمَ وَبِئْسَ، فالمراد هنا أنه يقيِد فِعْلانِ، وليس المراد أنه يخبر عن نِعْمَ وَبِئْسَ، نعم هذا صحيح، إذا قلت الكلام هكذا: نِعْمَ وَبِئْسَ مبتدأ، فِعْلانِ غَيْرُ مُتَصَرِّفَيْنِ، غَيْرُ مُتَصَرِّفَيْنِ خبر لنعمَ أو لفعلين .. نعت له؟ الظاهر الثاني، أن غَيْرُ مُتَصَرِّفَيْنِ نعت لـ فِعْلانِ، رَافِعَانِ اسْمَيْنِ، نقول: كذلك الأصل فيه أنه نعت لـ فِعْلانِ، لكن لا مانع من جعل رَافِعَانِ خبراً لمبتدأ محذوف، وأكثر المعربين للألفية جعلوا هكذا: أن رَافِعَانِ خبراً لمبتدأ محذوف تقديره وهما رَافِعَانِ اسْمَيْنِ، اسْمَيْنِ هذا مفعول به لـ رَافِعَانِ، رَافِعَانِ مثنى رافع وهو اسم فاعل فنصبه مثنى، وَمَا سِوَى الْمُفْرَدِ مثْلَهُ جَعِلْ، إذن: رفع برافع، فإذا قيل رَافِعَانِ خبراً لمبتدأ محذوف تقديره هما، والواو يحتمل أنها واو الحال لا بأس، أو على الاستئناف، حينئذٍ أخبر عن نِعْمَ وَبِئْسَ بخبرين أولاً: كونهما فعلين، وكون الفعلين غير متصرفين، وأخبر عنهما بكونهما رافعينِ ولا بأس بهذا .. لا إشكال فيه.