للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هل هذا النوعُ يوجبُ البناءَ؟ الجواب: لا، ثم اعلم أن البناء الذي تحدث عنه هنا المراد به البناء الواجب، الاسم من حيث البناء وعدمه قسمان: بناءٌ واجبٌ ذاتي، أول ما وضع هكذا، هذا الذي يتحدثون عنه، وأما البناء العارض الذي يكون في حالة مبني، وفي حالة معرباً هذا سيأتي في باب الإضافة، سيأتي معنا في باب الإضافة، ذاك على جهة الجواز حينئذٍ لا يشترط فيه عند بعضهم ومنهم المصنف أن يكون لشبه الحرف، بل لأمر آخر، ما وجه الشبه، أو أوجه الشبه؟ نص المصنف على أربعة أو ثلاثة منها، قال:

كالشَّبَهِ الْوَضْعِيِّ فِي اسْمَيْ جِئْتَنَا

وَكَنيِابَةٍ عَنِ الفِعْلِ بلا ... والمَعْنَوِيِّ في مَتَى وَفِي هُنَا

تَأَثُّرٍ وَكافْتِقَارٍ أُصِّلا

كالشَّبَهِ: الكاف هذه، هل هي تمثيلية أو استقصائية؟ إن كان ثم غير هذه الأسباب يعتبر سبباً موجباً للبناء فحينئذٍ صارت الكاف تمثيلية، يعني: ذكر لك أمثلةً لوجه الشبه وترك لك بعضاً، وإذا كان لا يوجد من أوجه الشبه إلا هذه المذكورة ولا يوجد غيرها فحينئذٍ نقول: هذه الكاف استقصائية، ولذلك تقول: أولو العزم من الرسل كموسى عليه السلام، الكاف هذه تمثيلية، وإذا قلت: خاتم الرسل كمحمد صلى الله عليه وسلم هذه استقصائية؛ لأنه لا يوجد غيره عليه الصلاة والسلام.

وهنَا ظَاهِرُ كلامِ المصنفِ أنها تمثيليةٌ لا استقصائيةٌ؛ لأنه زاد نوعين في الكافية: الشبه اللفظي، والشبه الاستعمالي، سيأتي في موضعه، إذاً: الكاف هذه نقول: تمثيلية، كالشَّبَهِ الْوَضْعِيِّ .. الشبه: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف.

لِشَبَهٍ مِنَ الْحُرُوفِ مُدْنِي: وذلك الشبه شبه الحرف كالشبه الوضعي، صار خبراً لمبتدأ محذوف، كالشبه الوضعي، هذا هو النوع الأول، والثاني: أشار له بالمعنوي، والثالث: إذا جعلناه عاماً، جعل تحته فرعين: نيابة عن الفعل: وَكافْتِقَارٍ أُصِّلاَ، وإذا جعلنا كل واحد مستقلاً فهي أربعة أنواع لوجه الشبه التي إذا وجدت في الاسم ألحقته بالحرف.

كَالشَّبَهِ الْوَضْعِيِّ: الوضعي: هذا نسبةً إلى الوضع، وعرفنا الوضع لأن الياء هذه ياء النسبة، وَالْوَضْعُ هُوَ: جعل اللفظ دليلاً على المعنى، يعني: وضع ألفاظ بإزاء معاني متى ما أطلق اللفظ انصرف على ذلك المعنى المعين الخاص، وهذا يشمل الفعل والاسم والحرف، فالفعل موضوع بالوضع الشخصي، وكذلك الاسم موضوع بالوضع الشخصي، وكذلك الحرف موضوع بالوضع الشخصي، وسمي وضعاً شخصياً لتعلقه بالشخص، يعني: أشخاص الألفاظ نفسها، قام: وضعه الواضع ليدل على قيام وقع في زمن قد مضى وانقطع، يقوم: وضعه الواضع ليدل على معنى، هذا المعنى هو وقوع الحدث في الزمن الحال أو المستقبل على خلاف، قم: هذا وضعه الواضع ليدل على طلب حدث، يعني: إيجاد حدث في الزمن المستقبل، من الذي وضع هذا؟ قلنا الصحيح وهو قول الجمهور: الله عز وجل، الواضع لهذه الألفاظ في الوضع الشخصي، وكذلك النوعي المتعلق بالقواعد الكلية التي يجري عليها النحاة الصرفييِّون والبيانيِّون، نقول: مردها إلى الله عز وجل، فخالق اللغات كلها الله عز وجل.