للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَأْْبَ اللَّذْ أُبِي)، وَأْْبَ قلنا: فعل أمر مبني على حذف حرف العلة، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت أي امنع.

(اللَّذْ) هذا في محل نصب مفعول، وهو لغة في الذي، وَأْْبَ اللَّذْ.

(أُبِي) هذا فعل ماضي مغير الصيغة، بمعنى منع، ونائب الفاعل ضمير مستتر يعود على الذي، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.

قال الشارح: يصاغ من الأفعال التي يجوز التعجب منها للدلالة على التفضيل وصف على وزن أفعل، فتقول زيد أفضلُ من عمروٍ، وأكرمُ من خالد كما تقول: ما أفضل زيداً وما أكرم خالداً، الباب واحد.

وما امتنع بناء فعل التعجب منه امتنع بناء أفعل التفضيل منه، فلا يبنى من فعل زائد على ثلاثة أحرف كدحرجَ، واستخرجَ، واستغفرَ، ولا من فعل غير متصرف -يعني: جامد- كنعمَ وبئسَ، ولا من فعل لا يقبل المفاضلة لأنا نقول: هذه صفة دالة على المشاركة وزيادة، حينئذٍ إذا كان ملازماً لوصف واحد لا يزيد ولا ينقص، يمتنع كماتَ وفنيَ، ولا من فعل ناقص ككانَ وأخواتها، وكاد وأخواتها، ولا من فعل منفي نحو: ما عاج بالدواء إن كان النفي لازماً، أو النفي عارضاً طارئاً كـ: ما ضربَ، ولا من فعل يأتي الوصف منه على أفعَلَ نحو: حمِرَ وعوِرَ، فلا يقال: أحمر وأعور، ولا من فعل مبني للمفعول: ضُربَ وجُنَ، وشذ منه قولهم: هو أخصر من كذا، فبنو أفعل التفضيل من اختصر وهو زائد على ثلاثة أحرف ومبني للمفعول، وقالوا أسودُ من حلك الغرابِ، أسود: أفعل، الأصل أنه ما يأتي؛ لأن الوصف منه يأتي على وزن أفعل، وأبيضُ من اللبنِ فبنو أفعل التفضيل شذوذاً من فعلٍ الوصف منه على أفعل.

إذاً هذا البيت أشار إلى أن باب أفعل التفضيل من حيث الاشتقاق إنما يؤخذ من فعل وجدت فيه الشروط الثمانية السابقة.

فإن انتفى بعض الشروط -عدِم بعض الشروط- حينئذٍ هل معنى ذلك الكلام أنه لا يصاغ منه ما يدل على التفضيل؟ الجواب: لا.

وَمَا بِهِ إِلَى تَعَجُّبٍ وُصِلْ ... لِمَانِعٍ بِهِ إِلَى التَّفْضِيلِ صِلْ

ما هو المراد؟

وَأَشْدِدَ اوْ أَشَدَّ أَوْ شِبْهُهُمَا ... يَخْلُفُ مَا بَعْضَ الشُّروطِ عَدِمَا

وَمَصْدَرُ الْعَادِمِ بَعْدُ يَنْتَصِبْ ... وَبَعْدَ أَفْعَلْ جَرُّهُ بِالبَا يَجِبْ

إذاً: كل ما لم يمكن التوصل إلى أن يصاغ منه أفعل التفضيل مباشرة، حينئذٍ جئنا بما ينوب عنه، وهو أَشَدَّ أما أَشْدِدَ فلا، لا يتأتى هنا أَشْدِدَ، وإنما أَشَدَّ، وما كان مشابهاً له كأكثرَ، وأصغرَ، وأكبرَ .. ونحو ذلك.

إذاً مراده بهذا البيت أن ما لم يتوصل إلى اشتقاق أو صوغ أفعل التفضيل منه مباشرة حينئذٍ يعامل معاملة ما لم يستوف الشروط في باب فعل التعجب

وَمَا بِهِ إِلَى تَعَجُّبٍ وُصِلْ: وما وصل به إلى تعجب لمانع، وهو أَشَدَّ.

(بِهِ) بذاك.

(إِلَى التَّفْضِيلِ صِلْ): صل به إلى التفضيل.

تقدم في باب التعجب أنه يتوصل إلى التعجب من الأفعال التي لم تستكمل الشروط بـ (أَشَدَّ) ونحوها، وأشار هنا إلى أنه يتوصل إلى التفضيل من الأفعال التي لم تستكمل الشروط بما يتوصل به في التعجب.

-انظر- قال ابن عقيل: أَشَدَّ، ولم يقل: أَشْدِدَ؛ لأنه لا يتصور هنا.

فكما تقول: ما أشد استخراجه تقول: هو أشد استخراجاً.