إذاً: لا إشكال في قوله تعالى: ((وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ)) [البقرة:٤١] في كون كَافِر هذا مضاف إليه أضيف إليه أفعل التفضيل، وهو مضاف إليه نكرة، فالأصل فيه المطابقة مع الموصوف، وهنا الموصوف ((وَلا تَكُونُوا)) [البقرة:٤١] الواو، لا يلزم الموصوف أن يكون دائماً مبتدأ لا. قد يكون مبتدأً، وقد يكون خبراً، وقد يكون فاعلاً، وقد يكون نائب فاعل .. إلى آخره، حسب موقعه من الإعراب، وأول تقع نعت، وتقع خبر، وتقع حال .. إلى آخره.
((أَوَّلَ كَافِرٍ)) [البقرة:٤١] هنا وقع أَوَّلَ مضافاً إلى النكرة ولم يطابق ما قبله، نقول: هنا على تقدير مضاف: أول فريق كافر، وأفرد كافر باعتبار لفظ فريق لأنه من جهة اللفظ مفرد، ومن جهة المعنى جمع.
(وَإِنْ لِمَنْكُورٍ يُضَفْ) إذاً عرفنا إذا أضيف أفعل التفضيل إلى النكرة فإنه يطابق باعتبار المضاف إليه، وأما هو فيلزم الإفراد والتذكير.
(وَتِلْوُ أَلْ طِبْقٌ)، (تِلْوُ أَلْ) مضاف ومضاف إليه وهو مبتدأ.
(طِبْقٌ) يعني: مطابقٌ، مطابقٌ لأي شيء؟ للموصوف، والمجرور بـ (من) هنا؟ لا تدخل (من) هنا، قلنا: (تَقْدِيراً أَوْ لَفْظاً بِمِِنْ إِنْ جُرِّدَا) يعني: مفهومه أن (مِن) لا تدخل على أفعل التفضيل إذا كان محلًى بأل أو مضافاً مطلقاً، إذاً هي خاصة فقط بالمجرد من أل والإضافة، وما عداها لا. يمتنع دخول (من) على المفضل.
إذاً: قوله: (وَتِلْوُ أَلْ طِبْقٌ) تصريح بما فُهم من قوله: (وَإِنْ لِمَنْكُورٍ) إلى آخره، إذ مفهومه أن ما عداهما لا يلزم تذكيراً وتوحيداً، هذا واضح بين، لأنه خصه بما سبق.
وَإِنْ لِمَنْكُورٍ يُضَفْ أَوْ جُرِّدَا ... أُلْزِمَ تَذْكِيراً ........
إن لم يجرد، وإن لم يضف لمنكور بأن حُلِّي بأل، حينئذٍ نقول: لا يلزم الإفراد والتذكير.
وصرح بالمفهوم لإفادة لزوم المطابقة في تَالِي أَلْ، والجواز في المضاف لمعرفة (وَتِلْوُ أَلْ طِبْقٌ) أي: مطابق؛ لأن اقترانه بأل أضعف شبهه بأفعل في التعجب، (وَتِلْوُ أَلْ طِبْقٌ) أي: مطابق لما قبله من مبتدأ أو موصوف، فتقول: زيدٌ الأفضلُ، والزيدانِ الأفضلان، والزيدون الأفضلون أو الأفاضل، والهندانِ الفضليان، والهنداتٌ الفضليات أو الفُضّلُ .. يعني يجوز الجمع بهذا أو ذاك، سواء سمع جمع تكسير أو جمع مؤنث سالم.
إذاً: (وَتِلْوُ أَلْ طِبْقٌ) يطابقه.
(وَمَا لِمَعْرِفَهْ أُضِيفَ ذُو وَجْهَيْنِ عَنْ ذِي مَعْرِفَهْ) هذا يقابل قوله: (وَإِنْ لِمَنْكُورٍ يُضَفْ)، وما أضيف لمعرفة والذي هذا مبتدأ.
(أُضِيفَ) صلة الموصول لا محل لها من الإعراب لمعرفةٍ متعلق به، وما أضيف لمعرفةٍ.
(ذُو وَجْهَيْنِ) ذُو خبر ما، ذُو وَجْهَيْنِ المراد بالوجهين هنا: المطابقة وعدم المطابقة، يعني يجوز فيه المطابقة ويجوز فيه عدم المطابقة، فهما وجهان منقولان (عَنْ ذِي مَعْرِفَهْ).
(وَمَا لِمَعْرِفَهْ أُضِيفَ ذُو وَجْهَيْنِ) المطابقة وعدمها.