للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعلة ذلك أنه إنما وجب في المجرد عن أل والإضافة ذكر (من) جارة بالمفضول عليه لقصد العلم به، أي بالمفضول، ولهذا امتنع ذكرها مع المضاف ومع المقترن بأل؛ لأن المفضول مذكور صراحة في حالة الإضافة، وفي حال الاقتران بأل في حكم المذكور؛ لأن أل إشارة إلى معين تقدم ذكره لفظاً أو حكماً.

إذاً: المفضل عليه إذا جر بـ (من) واضح أنه مصرح به كما ذكرناه، وإذا أضيف فالمضاف إليه سواء كان نكرة أو معرفة هو المفضل عليه، وإذا كان بأل حينئذٍ نقول: أل هذه أشارت إلى معين؛ لأن أل إشارة إلى معين تقدم ذكره لفظاً أو حكماً، وتعيُّنه يشعر بالمفضول .. أنه هو المفضول، وبهذا فأل الداخلة على أفعل التفضيل لا تكون إلا للعهد.

جاء زيدٌ الأفضلُ، أل هنا نقول عهدية .. مطلقاً.

هَذَا إِذَا نَوَيْتَ مَعْنَى مِنْ وَإِنْ ... لَمْ تَنْوِ فَهْوَ طِبْقُ مَا بِهِ قُرِنْ

ثم قال:

وَإِنْ تَكُنْ بِتِلْوِ مِنْ مُسْتَفْهِمَا ... فَلَهُمَا كُنْ أَبَداً مُقَدَّمَا

والحالة الثالثة: إذا أضيف، وله حكمان: على اعتبار التفصيل، إن أضيف إلى نكرة قلنا له حكمان: الأول: ألا يؤتى بـ (من) والثاني: أن يلزم الإفراد.

ولو زدت ثالثاً وقلت: أن يطابق المضاف إليه موصوف أفعل التفضيل، هذا إذا أضيف إلى نكرة

(وَإِنْ لِمَنْكُورٍ يُضَفْ) قلنا: إن جرد في السابق دل على أن المضاف إليه مطلقاً لا تدخل عليه (من)، إذاً (وَإِنْ لِمَنْكُورٍ يُضَفْ) فيه كم حكم؟ لا تدخل عليه (من)، ثم يلزم الإفراد والتذكير، ثم المضاف إليه يكون مطابقاً للموصوف، وإذا أضيف لمعرفة له حكمان:

نقول أولاً: لا تدخل عليه (من).

وثانياً: يجوز فيه الوجهان: المطابقة وعدم المطابقة، بشرط أن ينوى معنى من بأن يراد به التفضيل .. أفعل التفضيل فهي على بابها، فإن خرجت أفعل التفضيل عن بابه حينئذٍ وجبت المطابقة.

وَإِنْ تَكُنْ بِتِلْوِ مِنْ مُسْتَفْهِمَا ... فَلَهُمَا كُنْ أَبَداً مُقَدَّمَا

كَمِثْلِ مِمَّنْ أَنْتَ خَيْرٌ وَلَدَى ... إِخْبَارٍ التَّقْدِيمُ نَزْراً وَرَدَا

إذا كان المجرور بـ (من) اسم استفهام وجب التقديم؛ لأن اسم الاستفهام له حق الصدارة، مجرور من قد يكون اسم استفهام، وقد لا يكون كذلك، أشار إلى الأول بقوله: (وَإِنْ تَكُنْ) أنت أيها المتكلم (بِتِلْوِ مِنْ) يعني الذي يتلو من الجارة السابقة (مُسْتَفْهِمَاً) وإن تكن مستفهماً بتلو من.

(فَلَهُمَا) (من) والمجرور (كُنْ أَبَداً مُقَدَّمَا) يعني يجب التقديم على أفعل التفضيل، أو على جملة الكلام كما فعل الناظم هنا؛ لأنه قدم مِمَّنْ أَنْتَ خَيْرٌ، وانتقد رحمه الله في هذا المثال، (مِمَّنْ أَنْتَ خَيْرٌ) مِمَّنْ (مِن) حرف جر، و (مَن) اسم استفهام جر بـ (من)، حينئذٍ نقول أصل التركيب: أَنْتَ خَيْرٌ مِمَّنْ؟ هذا أصل التركيب؛ لأن (من) تكون تالية لأفعل التفضيل، لما نقول: زيد أكرم من عمروٍ هي نفسها، لكن دخلت هنا على اسم استفهام، فقيل: أَنْتَ خَيْرٌ مِمَّنْ؟ لما دخلت (من) على اسم استفهام وله حق الصدارة وجب أن يتقدم، هل يتقدم على الجملة كلها أو يتقدم على أفعل التفضيل؟