للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَأَوْلِ "لَكِنْ") يعني: اجعلها واليةً، يعني: تاليةً وتابعةً، (نَفْياً أَوْ نَهْيَاً) فُهِمَ منه أن (لكِنْ) لا تجيء بعد الإيجاب، لأنه خصَّ الحكم بماذا؟ بكونها تاليةً للنفي أو النهي، ولم يذكر الإيجاب فدل على أنها لا تكون حرف عطفٍ بعد الإيجاب، خلافاً للكوفيين فإنهم لا يشترطون تقدم النفي أو النهي.

(وَ"لاَ" نِدَاءً اوْ أَمْرَاً أَوِ اثْبَاتَاً تَلاَ)، وَ"لاَ" تَلاَ .. لاَ: قُصِدَ لفظه وهو مبتدأ، وتَلاَ: فعلٌ ماضي والضمير المستتر فيه يعود على (لاَ)، تلا (نِدَاءً) نداءً هذا مفعول بتلا مُقدَّم عليه، يعني: تابعةً للمنادى، (أَوْ أَمْرَاً أَوِ اثْبَاتَاً)، إذاً: "لاَ" تلا نِدَاءً أَوْ أَمْرَاً أَوِ اثْبَاتَاً، فهي تاليةٌ لواحدة من هذه الأمور الثلاثة.

إذاً: (لاَ) تكون عاطفة، وذكر الناظم شرطاً واحداً، وهو: أن تكون تالياً لأمرٍ أو إثباتٍ وهو الإيجاب أو النداء، حينئذٍ إذا وقعت تاليةً لواحدٍ من هذه الأمور صح أن تكون عاطفةً، نقول: (لاَ) يُعطف بها بشروط، والناظم هنا قَصَّر في ذكر الشروط:

الأول: إفراد معطوفها، يعني: أن يكون المعطوف بها مفرداً: جاء زيدٌ لا عمروٌ، عمروٌ: هذا مفرد.

الثاني: أن تُسْبَق بإيجابٍ أو أمرٍ اتفاقاً، نحو: هذا زيدٌ لا عمروٌ، سبقت بإيجاب .. هذا زيدٌ موجَب ليس بمنفي ولا نهي. أن تُسْبَق بإيجابٍ أو أمرٍ: اضرب زيداً لا عمراً، أو نداءً نحو: يا ابن أخي لا ابن عمي.

الثالث: ألا يَصْدُق أحد مُتعاطِفَيْها على الآخر، نَصَّ عليه السُهَيِلي، قال ابن هشام في التوضيح: وهو حقٌ، فلا يجوز حينئذٍ: جاءني رجلٌ لا زيد، زجل وزيد معطوف ومعطوف عليه، يصدق أحدهما على الآخر، جاءني رجلٌ لا زيدٌ: معروف هذا .. ما الفائدة من هذا الكلام؟ ليس فيه فائدة، إذاً: صدق المعطوف على المعطوف عليه، صدق أحدهما على الآخر، هو هو! لكن لو قلت: جاءني زيدٌ لا عمروٌ، ذاتان مختلفتان، وأمَّا: جاءني رجلٌ لا زيدٌ، نقول: زيد هو الرجل، والرجل هو زيد، ليس بشيءٍ آخر، لأنه يصدق عليه.

إذاً: الثالث: ألا يصدق أحد متعاطفيها على الآخر، نَصَّ عليه السُهَيِلي، قال ابن هشام في التوضيح: وهو حقٌ، فلا يجوز: جاءني رجلٌ لا زيدٌ.

ويجوز: جاءني رجل لا امرأة، ما يصدق الرجل على المرأة والمرأة على الرجل، ما يصدق هذا على ذاك.

الرابع: ألا تقترن بعاطف، فإن اقترنت بعاطف نحو: جاء زيدٌ لا بل عمروٌ، بل: حرف عطف، حينئذٍ (بل) هي حرف العطف، فإن اقترنت بعاطف فالعاطف وهو (بل) في المثال المذكور هنا هو الذي أُدي به العطف، و (لاَ) غير عاطفةً لكنها أفادت نفي ما قبلها، يعني: ليست زائدة، وإنما جيء بها لكونها نافية، لا بل .. فهي نافيةٌ.

خامساً من شروط العطف بـ (لاَ): ألا يكون مدخولها صفةً لسابقٍ، أو خبراً، أو حالاً. ألا يكون مدخولها يعني: ما بعدها، الذي يتلوها لا يكون صفة لما يسبق (لاَ) أو خبراً، أو حالاً. فليست عاطفةً حينئذٍ ووجب تكرارها، نحو: إن هذا رجلٌ لا صادق ولا كاذب، صادق: ما إعرابه؟ صفة لرجل، وقع بعد (لاَ) صفة لما قبلها، إذاً: لا تكون (لاَ) عاطفة، فوجب تكرارها: لا صادقٌ ولا مأمونٌ.