للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَافْصِلْ بين المعطوف والمعطوف عليه بِالضَّمِيْرِ المُنْفَصِلْ، لماذا؟ قالوا: لأن المُتَّصِل المرفوع كالجزء مما اتصل به، يعني: قمت وقم كما سبق: أن الفاعل كجزءٍ من عامله .. من الفعل، فلو عُطِف عليه كان كالعطف على جزء الكلمة، هذا كالتعليل في كونه لا يعود الضمير على المضاف إليه، لأنه كالجزء، حينئذٍ لا يرجع الضمير، هنا لو عُطف عليه مباشرةً: قمت وزيدٌ .. اسكن وزوجك، لو عطف مباشرة كأنه عطف على جزءٍ من الكلمة .. كأنك عطفت على الباء الذي هو أحد أجزاء الكلمة. على جزءٍ من الكلمة، فإذا أُكِّد بالمنفصل دل إفراده مما اتصل به بالتأكيد على انفصاله في الحقيقة، فحصل له نوع استقلال، يعني: إذا قلت: قمتَ أنتَ، لمَّا أكَّدَته بـ: أنتَ- لأنا نعربه ماذا: أنت؟ توكيد-، لمَّا أكَّدته حينئذٍ دل على أن له نوع استقلال، فصار كالتمهيد لأن يعطف عليه بالواو، هذا تعليل.

فحصل له نوع استقلال، ولم يجعل العطف على هذا التوكيد لأن المعطوف في حكم المعطوف عليه، فكان يلزم كون المعطوف تأكيداً للمُتَّصِل وهو باطل، على كلٍ: مراده أن يكون له نوع استقلالٍ فأُكد أولاً فكأن الكلمة مستقلة، فكان لها وضعٌ ثم عطف عليها بعد ذلك، وأمَّا إذا عطف عليه دون توكيد، دون الفصل حينئذٍ كأنك عطفت على جزء الكلمة والحجة هو السماع.

(وَإِنْ عَلَى ضَمِيِرِ رَفْعٍ مُتَّصِلْ) ضمير هذا قيد و (رَفْعٍ مُتَّصِلْ) هذا قيدٌ ثانٍ، وأفهم كلامه جواز العطف على الضمير المنفصل مطلقاً، لأنه قيده بضمير رفعٍ مُتَّصِل، إذاً: أفهم كلامه جواز العطف على الضمير المنفصل مطلقاً مرفوعاً كان أو منصوباً، وعلى المُتَّصِل المنصوب بلا شرط لأنه قال: (ضَمِيرِ رَفْعٍ) دون شرطٍ، إذاً: يجوز أن يعطف على ضمير النصب مطلقاً، نحو: أنا وزيدٌ قائمان، أنا: هذا ضمير رفع منفَصِل لا مُتَّصِل، إذاً: جاز العطف عليه فتقول: أنا وزيدٌ، لا نحتاج: أنا وهو زيدٌ، لا بد من الفصل لا، نقول: نعطف عليه مباشرة، لأن الشرط أن يكون مُتَّصِلاً، وهذا منفصل.

وإياك والأسد، هذا منصوبٌ على التحذير، احذر .. أحذرك، إياك والأسدَ، عُطف الأسد على: إياك، جاز دون فاصلٍ لكون: إياك ضمير نصب، ونحو: ((جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ)) [المرسلات:٣٨] جَمَعْنَاكُمْ: الكاف في محل نصب، وَالأَوَّلِينَ: معطوفٌ عليه، جاز دون فاصلٍ لأن الشرط: أن يكون ضمير رفعٍ، وجاز ذلك لأن كلاً من المذكورين ليس كالجزء فأُجري مُجرى الظاهر.

(أَوْ فَاصِلٍ مَا) هذا أشبه ما يكون بصرفٍ لما سبق عن أن يكون متعيناً، لأن ظاهر قوله: (فَافْصِلْ بِالضَّمِيْرِ المُنْفَصِلْ) أنه يجب أن يكون الفاصل هو الضمير المنفصل لا، ليس هذا بالشرط، المراد: أن يُفْصَل بينهما فحسب، سواءٌ كان ضميراً منفصلاً أو فاصلٍ ما، أي فاصلٍ كان، وإنما نَصَّ على الضمير المنفصل لكثرته، يعني: لكثرة الفصل به في لسان العرب.