للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ماذا بقي؟ بقي إبدال المضمر من الظاهر، والظاهر من المضمر. ولا يبدل مضمرٌ من ظاهر، يعني: أن يكون المبدل منه .. المتبوع اسماً ظاهراً والبدل ضميراً هذا لا يُبدل .. مضمرٌ من ظاهر، ونحو: رأيت زيداً إياه، إياه قالوا: بدل من زيداً، وهو من بدل الضمير من الاسم الظاهر، قال ابن هشام: هذا من وضْع النحاة.

المثال هذا مُصْطَنع، يعني: جوزوا مثل هذا .. وهذا كثير عند النحاة، يعني انتبه! إذا لم يُورِد شاهد من قرآن أو سنة أو بيت، الأمثلة مثل هذه انتبه لها، لأنها كثير ما تكون مصطنعة: رأيت زيداً إياه، استقامت معه، حينئذٍ لا مانع منه، هذا من صنع النحاة كما قال ابن هشام.

إذاً: لا يُبْدل المضمر من الظاهر، ماذا بقي؟ الظاهر من المضمر. ويجوز عكسه مطلقاً، الذي هو النوع الرابع: إبدال الظاهر من المضمر، مطلقاً في جميع أنواع البدل، كل من كل .. بعض من كل .. اشتمال .. غلط، إلى آخره.

متى؟ إن كان الضمير لغائبٍ، كما قال الناظم: (كَزُرْهُ خَاَلِداً)، ونَحو: ((وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)) [الأنبياء:٣] على أحد الوجوه، الذين: هذا ظاهر، جاء بدلاً من الواو، لماذا نقول: بدل وليس بفاعل؟ لئلا يكون من باب: أكلوني البراغيث، لئلا يُحمل، لأن ظاهره .. صورته صورة: أكلوني البراغيث، وأسروا: هذا فاعل، الذين ظلموا، إذاً يلزم أن نقول: هذه الواو حرف وليست بفاعل، فيكون من باب: أكلوني البراغيث، نقول: لا، الصواب: إمَّا أن يُقال: (أسَرُّوا) الجملة خبر مقدمة، والذين ظلموا: مبتدأ مؤخر، ويجوز وجه آخر: أن يكون بدلاً .. بدل كل من كل، الذين ظلموا أسروا، الواو: هذا مبدل منه، إذاً: أبدل الظاهر من الضمير.

أو كان لحاضرٍ .. إن كان لغائبٍ أو حاضرٍ، بشرط أن يكون بدل بعضٍ، نحو: أعجبتني وجهك، هذا بدل بعض من كل، وهو لحاضرٍ، قيل ومنه: ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ)) [الأحزاب:٢١] كان لكم خطاب لجميع الصحابة، قيل: ((لِمَنْ كَانَ يَرْجُو)) [الأحزاب:٢١] هل يلزم منه إذا قيل: بدل بعض من كل أن يكون الصحابة فيهم من يرجو وفيهم من لا يرجو؟ إذا قيل: ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ)) [الأحزاب:٢١] لكم الكاف، قلنا: ((لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ)) [الأحزاب:٢١] حينئذٍ (من) نقول: هذا بدل بعض من كل، إذاً: بعض يرجوا وبعض لا يرجوا؟ نقول: نعم، هو كذلك، ليس للصحابة، الخطاب عام لمن كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفيهم من لا يرجو من المنافقين، حينئذٍ الخطاب عام، ولذلك هي في سورة الأحزاب.

أو بَدَل اشتمال نَحو: أعجبتني كلامك، ومنه: بَلَغْنَا السَّمَاءَ مَجْدُنَا وَسَناَؤُنَا، فـ: (مَجدنا وسناؤها) بَدَل من الضمير البارز الفاعل في بلغنا، وهو بدل اشتمال، أو بدل كلٍّ مفيدٍ للإحاطة، جئتكم كبيرَكم وصغيرَكم، نقول: هذا بدل كل من كل مفيدٌ للإحاطة، وهو بدلُ الظاهر من الضمير المخاطب، جئتكم من الكاف، ليس المُتَكلِّم، جئتكم الكاف هنا مبدل منه متبوع، صغيركم وكبيركم، نقول: هذا فيه معنى الإحاطة.