ونضير هذه المسألة: بدل اسم الشرط .. مثلها، لو أبدل من اسم الشرط حينئذٍ جيء بـ (إنْ) الشرطية مع البدل. ونظير هذه المسألة بدل اسم الشرط نحو: من يَقُم إن زيدٌ وإن عمروٌ أقُم معه، من يَقُم زيدٌ .. إن زيدٌ، لا بُدَّ من إعادة الحرف وهو حرف الشرط. من يَقم إن زيدٌ وإن عمروٌ أقم معه، فإنه يلي حرف الشرط الذي تَضمنه المبدل منه وهو بدل تفصيل.
(وَبَدَلُ المُضَمَّنِ) إذاً قوله: المضمن، خرج به ما صُرِّح معه بأداة الاستفهام أو الشرط على ما ذكرناه، فلا يلي البدل ذلك، نحو: هل أحدٌ جاءك زيدٌ أو عمروٌ، وكذا: إن تضرب أحداً رجلاً أو امرأةً أضربه، أي: إن تضرب أحداً رجلاً أو امرأةً، هنا صُرِّح به، فلا يجوز إعادة حرف الشرط، لو قيل: من يَقُم أزيدٌ أم عمروٌ أقم معه، حينئذٍ لا بُدَّ من الهمزة .. لا ليست الهمزة، من يَقُم إن زيدٌ وإن عمروٌ، وأمَّا إذا صُرِّح بالحرف .. حرف الشرط، حينئذٍ لا يجوز، فإذا قيل: إن تضرب أحداً، إذاً: صُرِّح بالحرف.
(وَيُبْدَلُ الفِعْلُ مِنْ الفِعْلِ)، (يُبْدَلُ) هذا فعل مُغيَّر الصيغة، و (الفِعْلُ) هذا نائب فاعل، (مِنْ الفِعْلِ) مُتَعلِّق بقوله: (يُبْدَلُ).
(كَمَنْ ... يَصِلْ إلَيْنَا يَسْتَعِن بِنَا يُعَنْ) هنا ظاهر كلامه أنه يجوز البدل مطلقاً ما قيده (يُبْدَلُ الفِعْلُ مِنْ الفِعْلِ) مطلقاً مطابقاً أو بعضاً أو ما يشتمل عليه، نقول: كله يدخل فيه، أم فيه تفصيل؟ ظاهر كلام الناظم الإطلاق، لكنه لم يُسْمع في لسان العرب إلا بَدَل كل من كل، وقيل: البعض، وأمَّا بدل الغلط والاشتمال قيل: أنه لم يُسمع.
(وَيُبْدَلُ الفِعْلُ مِنْ الفِعْلِ) بدل كلٍ من كلٍ، قيل: باتفاق، فظاهره أن ذلك جائزٌ في جميع أقسام البدل، والمسموع من ذلك بدل الكل وبدل الاشتمال، وأمَّا بدل البعض وبدل الغلط هذا فيه خلاف، قيل: لا يبدل الفعل بدل بعضٍ من الفعل، وأثبته الشاطبي، ومثَّل له بنحو:"إِنْ تُصَلِّ تَسْجُدْ لِلرَّحمَنِ يَرْحَمْكَ"، هذا مصنوع .. إِنْ تُصَلِّ تَسْجُدْ: هذا بدل بعض من كل، لأن السجود بعض الصلاة، لكن هذا مصنوع، نقول: ائتي بالدليل أولاً .. أثبته ثم بعد ذلك يؤتى بالمثال. "إِنْ تُصَلِّ تَسْجُدْ لِلرَّحمَنِ يَرْحَمْكَ".
وأمَّا بعد الغلط فقيل: جوَّزَه سيبويه وجماعة، والقياس يقتضيه، ومثَّل له الشاطبي بقوله: إن تُطعم زيداً تَكْسه أكرمك، تَكْسُه .. تُكْسِه، يجوز فيه الوجهان، تكسه أكرمك: هذا بدل غلط، تطعم زيداً، ثم أراد أن يبيِّن أنه قد أخطأ في الأول .. غَلِط، أراد أن يقول: إن تكس زيداً، فقال: إن تطعم زيداً، لكن كما ذكرنا هذا فيه نظر من حيث أن هذا المثال مصنوع وليس بواردٍ.
ومَثَّل له المكُودِي بقوله: قام قعد زيدٌ، أراد أن يقول: قعد فقال: قام قعد زيدٌ، إذاً: بدل غلط.