للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمحكيُّ كالمبني، تقول: يا تأبطَ شراً، تأبطَ شراً: مُنَادىً مبني، فتنوي حينئذٍ الضم، لكن: تأبط شراً هل هو مثل سيبويه؟ لا، ليس مثل سيبويه، ولذلك عَطَفَ الشُرَّاح: (وَانْوِ انْضِمَامَ مَا بَنَوا) أو حكوا، فالمحكي داخلٌ فيما إذا نُودِيَ المبني، فحينئذٍ تكون الضَمَّة مُقدَّرة، والمراد حينئذٍ: تقدير البِناء سواءٌ كان مبنياً في الأصل أو كان محكياً، فتقول: يا تأبطَ شراً .. تأبط شراً قبل دخول (يا) هو مُعرَب، لكن إعرابه ليس إعراباً تفصيلياً، وإنما هو إعرابٌ تقديري لا ظاهر، حينئذٍ تقول: تأبطَ شراً مبني، وبناؤه على ضَمٍّ مُقدَّر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة الحكاية.

يظهرُ ذلك في النعت: يا تأبطَ شراً المقدامُ .. المقدامَ، المقدامُ بالضَمِّ بناءً على الضَمَّة المُقدَّرة بناءً على آخره .. ضَمَّة مُقدَّرة بناءً، يعني: مبنيةً على آخره، والمقدامَ باعتبار المحل، إذاً: (انْوِ انْضِمَامَ مَا بَنَوا) في الموضعين، (انْوِ انْضِمَامَ) يعني: انْضِمَامَ آخر المُنَادى في موضعين: مَا بَنَوا، ومَا حكوه، المبني يكون الضَمُّ مُقدَّراً منوياً، وكذلك المحكي يكون الضمُ مُقدَّراً ومنوياً.

(قَبْلَ النِّدَا) لأنه بعد النداء كذلك يكون مبنياً، وإذا كان قبل النداء فحينئذٍ يكون مبنياً لكن لا على رفعه، لأنه إذا رُفِعَ حينئذٍ تكون الحركة مُقدَّرة وهي الضَمَّة، فيُبنى عليها كذلك بعد النداء، والعلة هي العلة.

(وَليُجْرَ مُجْرَى ذِي بِنَاءٍ جُدِّدَا)، وَليُجْرَ في المنوي الضم .. الذي نويَ ضمهُ مُجْرَى الظاهر الضَّم، يعني: ما نويَ ضمهُ يُجرى مجرى الضم الظاهر، إذاً كلٌ منهما سواءٌ كان الضم ظاهراً أو منوياً فالحكم واحد، الحكم واحد من حيث الإتباع الذي ذكرناه سابقاً: يا سيبويه العالمُ .. يا سيبويه العالمَ، كما تقول: يا زيدُ الظريفُ .. يا زيدُ الظريفَ.

إذاً: زيدُ تَجدَّد بناءه بعد أن لم يكن، عُومِلَ نعته بالوجهين، كذلك ما كان مبنياً قبل حرف النداء، نعتهُ يوجَّهُ بالوجهين السابقين، وَليُجْرَ في المنوي الضم مُجْرَى الظاهر الضَّمْ (ذِي بِنَاءٍ جُدِّدَا) وهو الذي جُدِّد بناءه، أي: حدث له البناء، وقوله: (جُدِّدَا) يحتمل أن المراد يجري مجراه في كونه في محل نصب وهو كذلك، ويحتمل في جواز رفع تابعه ونصبه وهو كذلك، ولذلك أطلقه الناظم.

إذاً: يُجْرَ مُجْرَى ما جُدِّد بناءهُ من جهتين:

أولاً: في تابعه يجوز فيه الوجهان: النصب باعتبار المحل، والرفع باعتبار اللفظ .. الإتباع، وكذلك يَجْري مجراه في كونه في محل نصب، حينئذٍ سيبويه: في محل نصب لا شك في ذلك.

قال الشارح هنا: " إذا كان الاسم المُنَادى مبنياً قبل النداء قُدِّرَ بعد النِداءِ بناءه على الضم، نحو: يا هذا .. يا برق نحرهُ، ويَجري مَجْرَى ما تَجدَّد بناءه بالنداء كزيد " لأن زيد غير مبني، فإذا دخلت عليه (يا) حينئذٍ تَجدَّدَ له بناء.