للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وخالف الكوفيون: فمنعوا نصبه، وفي الوصف فذهبوا: إلى أنه لا يُنْصَب إلا مُنوَّناً، نحو: يا صاحباً صاحبَ زيدٍ، يعني لا يُقال: يا صَاحِبَ بدون تنوين كما هو مذهب البصريين، بل لا بُدَّ من تَنوِينه، هذا إذا كان الثاني مضاف، أمَّا إذا كان الثاني غَير مضاف: يا زيدُ زيدُ، دون إضافة، جاز ضَمُّه يعني: ضَمَّة بناء بدلاً ورفعه ونصبه عطف بيان على الأول أو المحل: يا زَيِدُ زَيِدَ .. يا زَيِدُ زَيدُ، يجوز فيه الوجهان.

فأمَّا البدل فَمُنِع لأنه لا يَتَّحِد لفظ بدلٍ ومبدلٍ منه، إلا ومع الثاني زيادة بيان - وهذا ذكرناه من الفوارق -.

وجَوَّز بعضهم أن يكون مُنَادىً ثانياً: يا زَيْدُ، كأنه مستقل، وأن يكون توكِيداً لفظياً، وهذا لا مانع منه لاتحاد اللفظ، ورَدَّه في شَرِح الكافية .. ردَّ كونه عطف بيان، لأن الشيء لا يُبيِّن نفسه، لو قيل: يا زيدُ .. (زيد) الثاني توكيد كان جيد، أو يُجْعَل كأنه مُنَادىً مستقل، أمَّا كونه عطف بيان: زيد وزيد، ليس فيه فائدة، بل قلنا: عطف البيان إذا اتَّحَد اللفظ خَرَج عن كونه بياناً، صار تُوكِيداً.

ومثلُ: (يَا سَعْدُ سَعْدَ الأَوْسِ) .. (يَا تَيْمُ تَيْمَ عَدِيٍّ)، ومثله المثال المشهور: (يَا زَيْدُ زيْدَ الْيَعْمَلاَتِ).

إذاً خلاصة هذا الفصل، وهو أحكام تابع المُنَادى، نقول: تابع المُنَادى المبني على أربعة أقسام .. من أجل التشويش الذي أوْرَدَه النَّظم:

القسم الأول: ما يجب نصبه مراعاةً لمحل المُنَادى، وهو ما اجتمع فيه شيئان: مضاف، ودون (أل): أن يكون نعتاً، أو بياناً، أو توكيداً.

والثاني: أن يكون مُضافاً أو مُجرَّداً من (أل) .. (تَابِعَ ذِي الضَّمِّ المُضَافَ دُونَ أَلْ)، يُشْترط فيه: ما يجب فيه النصب مراعاةً لمحل المُنَادى، ما اجتمع فيه شيئان، الأول: أن يكون نعتاً، أو بياناً، أو توكيداً، يعني: لا بدلاً، أو عطف نسقٍ بالوجهين.

الثاني: أن يكون مضافاً، أو مُجرَّداً من (أل) نحو: يا زَيدُ صاحبَ عمروٍ، ويا زَيدُ أبا عبد الله، ويا تَيمُ كلَّهم أو كلَّكم، هذا ذكرناه فيما سبق، ووجوب النصب هنا لتابع المُنَادى، بالشرطين المذكورين هو مذهب جمهور النحاة.

وحُكِي عن جماعةٍ من الكوفيين منهم الكِسائي والفَرَّاء: جواز الوجهين النصب والرفع، فأمَّا النصب مراعاةً لمحل المُنَادى والرفع تبعاً للفظه، يعني: حركة مُشاكَلة وإتباعٍ، لأن هذه الضمة عارضة، لأن المبني طارئ لا أصلي، فتزول الضمة بزوال النداء، فأشبهت حركة الإعراب فجاز مُراعاتُها، وحكوا ذلك في النعت والتوكيد لا في عطف البيان؛ لقرب الشبه بالبدل، والبدل إذا كان مُضَافاً وجب نَصبُه، لأنه كنِداء مستقل، فما أشبهه وأخذ حكمه.

الحاصل: أن القِسم الأول: ما يجب نَصبُه عند جمهور النحاة، خلافاً للكِسائي وغيره، وهو ما وُجِدَ فيه أمران:

- أن يكون توكيداً، أو نعتاً، أو عطف بيان.

- وأن يكون مضافاً مقروناً بـ (أل) هذا القسم الأول: ما يجب نصبه، وهو الذي عناه الناظم بالبيت الأول.

القسم الثاني: ما يجب رفعه مراعاةً للفظ المُنَادى، وهو نعت (أيٍّ) و (أيَّةٍ) .. (أيَّةٍ): هذه التي ننبه عليها، (أيتها) نفسها.