للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذاً: مدلول أسماء الأفعال على الصحيح لفظ الفعل لا الحدث والزمان، بل تَدُل على ما يَدُل على الحدث والزمان، (تَدُل على .. على) ما يَدُل على الحدث والزمان وهو لفظ الفعل، أي: من حيث هو دَالٌ على المعنى الموضوع هو له، لا من حيث كونه مُطلق لفظٍ، يعني: إذا قيل (صَهْ) يَدُل على (اسكت) إذاً: مدلوله لفظ، أيُّ لفظ أو لفظٌ خاص؟ لفظٌ خاص، يعني: (صَهْ) مدلوله (اسكت) و (اسكت) هذا لفظٌ، حينئذٍ مدلول (صَهْ) لفظٌ هل هو مُطَلق اللفظ أو لفظٌ خاصٌ دالٌ على طلبٍ وهو السكوت في الزمن المستقبل؟ لا شك أنه الثاني.

أي: من حيث هو دالٌ على المعنى الموضوع هو له، لا من حيث كونه مُطلق لفظ، فـ (آمين) مثلاً مُسمىً به الفعل الذي هو (استجب)، إذاً (آمين) نقول هذا اسم فعلٍ، ما مدلوله؟ (استجب)، إذاً: اللفظ، لا من حيث كونه لفظاً (استجب) .. لا من حيث كونه لفظاً من الألفاظ، بل من حيث كونه لفظاً دالاً على طلب الاستجابة .. بهذا القيْد هذا واضح، ما أظن أنَّ أحداً يخالف فيه.

وقيل: أنها تَدُل على الحدث والزمان كالفعل، وهذا الخلاف مبني على الخلاف السابق .. فرعٌ عنه، فمن قال هناك أسماء، قال هنا: لا تدل على الحدث والزمن .. من قال: هناك أفعال لا بُدَّ أنها تَدُل على الحدث والزمان.

قيل: أنها تَدُل على الحدث والزمان كالفعل، فهي أسماء بمعنى: الأفعال، لكن بالمادة لكن بأصل الصيغة، يعني: ما ذَكَرتُه سابقاً أن بعضهم يرى أن أسماء الأفعال مدلولها معنى الفعل، وقيل: مدلولها المصادر، يعني: (صَهْ) مدلوله (السكوت) و (السكوت) يستلزم زماناً وفاعلاً، أي: النائبة عن أفعالها، وعليه فقولهم (أسماء الأفعال) أي: اللغوية التي هي المصادر.

يعني: إذا قيل (أسماء الأفعال) أيُّ أفعالٍ؟ الاصطلاحية على القول الأول وهو الصحيح، إذا قيل: بأن مدلول أسماء الأفعال هي المصادر، حينئذٍ أسماء الأفعال، يعني: اللغوية التي هي المصادر.

وقيل: ما سَبَق استعماله في ظرفٍ أو مصدرٍ باقٍ على اسميَّته كـ (رويداً زيداً) و (دونك زيداً) وما عداه فعلٌ كـ (نَزَال) و (صَهْ) يعني: بَعَّض الباب .. قسَّمه، قال: منه ما هو اسمٌ، ومنه ما هو فعلٍ، ما كان منقولاً عن ظرفٍ أو مصدر، (رويداً) هذا منقول (دونك) ظرف، حينئذٍ قال: (اسمٌ) وما ليس منقولاً بل هو مُرْتَجل كـ (صَهْ) و (أُف) قال: هو فعلٌ، وهذا ما يستقيم.

وقيل: هي قسمٌ برأسه يُسمَّى (خالفة الفعل) أي: خليفته ونائبه في الدلالة على معناه، وهذا ما زاداه في القسمة الرباعية السابقة معنا (اسمٌ وفعلٌ وحرفٌ وخالفةٌ) قلنا: زاده (جعفر بن صابر) وهو قولٌ شاذ خالف الإجماع، ولذلك أظن الصبَّان قال: "وزاد من لا يُعتَدُّ بخلافه - أو لا يُعْتَدُّ به" كلام مثل هذا القبيل، على كلٍّ: لم يُلتَفَتوا إليه أصالةً.

فالقسمة ثلاثية (وخالفة) هذا راجع إمَّا إلى كونه فعلاً أو اسماً، والصحيح أنه اسمٌ، إذاً: عرفنا أنها أسماء حقيقةً، وعرفنا أن مدلولها هو لفظ الفعل لا الزمان والحدث، وإنما تدل على الزمان والحدث بواسطة الفعل.