قال الشارح هنا:"أسماء الأصوات ألفاظٌ اسْتُعْمِلت كأسماء الأفعال في الاكتفاء بها"(هَيْهَاتَ العقيقُ) فقط "دالَّةً على خطاب مالا يعقل" إذاً: وجه المشابهة بين اسم الصوت واسم الفعل في الاكتفاء بها .. كونه يُكْتَفى به "دالَّةً على خطاب مالا يعقل، أو على حكاية صوتٍ من الأصوات، فالأول -خطاب ما لا يعقل-: كقولك (هَلا) " مثل (ألا) - قيل: تُنَوَّن وقيل: لا، يعني: تُنْطق مثل (ألا) .. (هلا)"لزَجْر الخيل و (عَدَسْ) لِزَجر البغل، والثاني كـ (قَبْ) لوقوع السَّيف و (غاق) للغراب" و (أَوْ) لدعاء الفرس كما ذكرناه.
وكذلك في قولهم في دعاء الإبل لتشرب:(جِيء .. جِيء) مهموزين، يعني: كأن الإبل تَفْهَم هذا الخطاب (جِيء .. جِيء) يعني: تعالي اشربي، سبحان الله! وفي دعاء الضَّأن:(حا .. حا) والمعز (عا .. عا) غير مهموزين في النوعين، والفِعْلُ منهما (حاحَيْتُ وعاعَيْتُ) والمصدر (حَيْحَاء وعَيْعَاء) هذه كُلُّها مُولَّدة، يعني: لم يسمع، ولذلك قال قائلهم:
إذاً: وأشار بقوله (وَالزَمْ بِنَا النَّوعَينِ) إلى أن أسماء الأفعال وأسماء الأصوات كلها مبنيَّة، إذاً: حَمَل قوله (بِنَا النَّوعَينِ) على الباب كلِّه، ولا مانع أن يُقال: بأنه بيَّن في الأول حكم أسماء الأفعال، وهنا بيَّن النوعين من أسماء الأصوات، وقد سبق في باب المُعْرَب والمبْنَى أن أسماء الأفعال مبنية لشبهها بالحرف في النيابة عن الفعل وعدم التأثُّر، حيث قال:(وَكَنِيَابَةٍ عَنِ الْفِعْلِ بِلاَ تَأَثُّرٍ) وأمَّا أسماء الأصوات فهي مبنية لشبهها بأسماء الأفعال، وقيل: لمشابهتها الحروف المهملة في أنها: لا عاملة ولا معمولة، مثل:((حم)) [غافر:١] .. ((الم)) [البقرة:١] ومثلها، إذاً: هي مبنيَّة فلا محل لها من الإعراب، وشَذَّ إعراب بعضها لوقوعه موقع الاسم المتَمكِّن كقوله:
إِذْ لَمَّتِي مِثْلُ جَنَاحِ غَاقِ ..
(مِثْلُ جَنَاحِ غَاقِ) مضاف إليه، لماذا أَعْرَبه هنا؟ أُعْرِب (غَاقِ) لوقوعه موقع (غُرْاب) لأنه يَدلُّ عليه .. خاصٌّ به، إذا قال:(غاق) فُهِم أنه يريد به الغراب. وتنكيرها بالتنوين كأسماء الأفعال، وأصل بنائها على السكون كـ (قَبْ) و (سَعْ) وما سَكَن وسطه من ثلاثي كُسِر على أصل التقاء الساكنين كـ (غاق) و (طَاقِ) لحكاية صوت الضرب، إذا وقع الشيء .. ضَرَبت (طَاقِ) تَحكيه بهذا اللفظ.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين ... !!!