للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: هو المسلوب منه التَّنوين والجر معاً بناءً على أن الصَّرف هو التَّصرُّف في جميع التراكيب، إذاً: قولان في تفسير الممنوع من الصَّرف:

- قيل: هو المسلوب التَّنوين فقط وحده، وهذا ظاهر كلام الناظم كما سيأتي.

- وقيل: هو المسلوب من التَّنوين والجر معاً.

- وهل هذا الخلاف ينبني عليه شيء؟ قال أبو حيَّان: وهذا الخلاف لا طائل تحته - يعني: لا ينبني عليه شيء البتَّة - إلا في الحكم على الكلمة هل هي ممنوعة أم لا فقط؟ ((فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)) [التين:٤] (أَحْسَنِ) على القول الأول مصروفة، وعلى القول الثاني غير مصروفة، ما سُلِب منه التَّنوين والجر العكس (فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) على القول الأول: ما زال التَّنوين مسلوباً عنه، فهو ممنوع من الصَّرف، وعلى القول الثاني: هو مصروف، لأنَّه جُرَّ بالكسرة، فإذا جُرَّ بالكسرة حينئذٍ رجع إلى أصله وهو الصَّرف.

إذاً: ينبني عليه الحكم على الكلمة فقط، وأمَّا من حيث الإعراب فيبقى على ما هو عليه (فِي أَحْسَنِ) نقول: اسم مجرور بـ (فِي) وجرُّه كسرة ظاهرة على آخره، لكن يرد السؤال: هل هو ممنوع أم لا؟ فعلى القول الأوَّل: لا زال ممنوعاً، لأنًّه وجِد فيه العلَّتان المانعتان من الصَّرف ولم يرجع إليه التَّنوين، فحينئذٍ نحكم عليه بأنَّه ما زال ممنوعاً من الصَّرف، لأنَّ حقيقة الممنوع من الصَّرف: هو سلب التَّنوين، إذاًَ (فِي أَحْسَنِ) نقول: هو ممنوع من الصَّرف وإن جُرَّ بالكسرة.

وعلى القول الثاني: المسلوب منه التَّنوين والجرُّ معاً نقول رجع إليه الكسر فحينئذٍ صار مصروفاً، وإعرابه كإعراب الأول، إذاً قوله: لا طائل تحته، المراد به: من حيث الإعراب والبناء فقط، يعني: ما يَتعلَّق به، لأنَّ الممنوع من الصَّرف يُجَرُّ بالفتحة، والمصروف يُجَرُّ بالكسرة، هل الخلاف هنا انبنى عليه تقدير فتحة أو كسرة؟ لم ينبني عليه، لو قيل (فِي أَحْسَنِ) من قال بأنَّه ممنوع من الصَّرف مجرور وجرُّه فتحة مُقدَّرة على آخره قد يُقال بأنَّه وجِد للخلاف أثر، ولكن لَمَّا لم ينبني عليه خلاف من جهة الإعراب بالفتحة أو بالكسرة حينئذٍ نقول: الخلاف لا طائل تحته، إلا من جهة كون الكلمة هل هي مصروفة أم لا؟

إذاً: حُكْمُ ما لا ينصرف أنَّه على القول الأول: ما سُلِب منه التَّنوين، وعلى القول الثاني: ما سُلِب منه الجرُّ والتَّنوين، حكمه: أنَّه لا يُنَوَّن ولا يُجَرُّ بالكسرة، يعني: على القولين -مِمَّا يؤَيِّد كلام أبي حيَّان-: أنَّه على القولين يُسْلَب التَّنوين والجر، اتفق القولان على سلب التَّنوين، واختلفا في الجَر، واتفقا على أن الممنوع من الصَّرف يُجَرُّ بالفتحة، إذاً: اتفقوا على هذا، ماذا بقي؟ بقي سلب الجر هل هو داخلٌ في مفهوم الممنوع من الصَّرف أم لا؟ هذا مل النِّزاع، وأمَّا كونه يُسلَب الجر أيضاً فهذا مَحل وفاق.

إذاً: الخلاف في سلب الكسر .. عدم الكسر، هل هو داخلٌ في مفهوم الممنوع من الصَّرف أم لا؟ أمَّا كونه يُسْلَب الكسر، هذا لا خلاف فيه، لكن هل هذا السلب داخلٌ في مفهوم المنع من الصَّرف أم لا؟ هذا محل النِّزاع بين النُّحاة.