وأن يكون بعد ألف الجمع حرفٌ مكسورٌ لفظاً أو تقديراً، لفظاً واضح:(مَسَاجِد .. مَصَابِيح) وأمَّا التقدير، فنحو:(دوآب) أصله: (دوابِب) ما بعد الألف مكسور وهو الباء، ثُمَّ أرِيد إدغامها في الباء الثانية، سُلِبَت ثُمَّ أدغمت، إذاً: هو مكسور لكنه مُقدَّر: (دوابَّ) مُشدَّد ما بعد الألف، حينئذٍ نقول: هو مكسورٌ في التقدير، لأن هذا أصله.
فإن كان الساكن بعد الألف لا حَضَّ له في الحَرَكة نحو:(عَبالَّ) جمع: عَبَالَّةٍ وهي: الثِّقَل، و (حَمارَّ) جمع: حَمَارَّةٍ، يُقال: حَمَارَّة القيض: شِدَّة حره، فمصروف، لماذا؟ لأن:(عَبالَّ) ما بعد الألف ما هو؟ ساكن ليس مُتحرِّكاً، ونحن نشترط أن يكون مُتحرِّكاً، ومُتحرِّكاً بالكسر، وهنا ساكن (عَبالَّ .. حَمارَّ) نقول: الأول مُدغَم في الثاني، وهو ساكن فَدَّل على أنه ليس مكسوراً، فحينئذٍ هذا يكون مصروفاً لِتخلُّف الشرط، هذا مذهب سيبويه والجمهور.
وذهب الزَجَّاج إلى أنه لا يشترط ذلك، يعني: لا يشترط أن يكون ما بعد ألفه مكسوراً، فحينئذٍ (حَمارَّ وعَبالَّ) يكون ممنوعاً من الصرف عند الزَجَّاج، ولا يُعتَدُّ في هذا الوزن بكسرةٍ عارضة، لا بُدَّ من أن تكون الكسرة أصلية احترازاً من نحو: تَوانٍ وتَغازٍ، لأن (تَوانٍ) الكسرة هنا من أجل أن تَصِح الياء، لأنه على وزن (تَفَاعُل) أصله: (تَوانِيُ) لو قيل بالضمَّة على النون وجب قلب الياء كسرة لأنه من التواني، أصله:(توانِيُ) ما يأتي (نِيُ) لكن نقول: الياء بعد الضمة، فأصله على وزن:(تَفَاعُل) حينئذٍ أصله (تَواني) النون هُنا مَضمُومة.
إذاً: ياءٌ ساكنة قبلها ضمة، فيجب قلب الياء .. إذا سَكَنَت الياء وضُمَّ ما قبلها وجَبَ قلب الياء واواً، فراراً من هذه العِلَّة قلبنا الضَمَّة كسرة، فقيل:(توانٍ) يعني: دخل التنوين فحذفت الياء، ومثله:(تَغازٍ) أصله: (تغازُي)!
على كلٍّ: الواو الساكنة قبلها ضَمَّة، فوجب قلب الياء واواً، حينئذٍ وجب قلب الضَمَة كسرة لتَصِح الياء. فإن الكسرة فيهما مُحوَّلةً عن ضَمَّةٍ لاعتلال الآخِر، إذ أصله:(تَفَاعُل) بِضمِّ العين، مصدر (تَفَاعَل)(تَوانِي).
ولا ياء النسب نحو:(مدائني وحواري) لأن الياء هذه عارضة كما سيأتي، ياء النسب يجب أن يكون ما قبلها مكسور:(قُرَشِيٍّ) -في بعضه سيأتي-.
لوجود ياء النسب فيهما قبل الجمع، ولا بألفٍ مُعوَّضَة من ياء النسب، نحو:(يمانٍ وشامٍ) فإنهما مصروفان، لأن الألف عِوَضٌ من يَاء النَسب والأصل:(يَمنِي وشَامِي) ويأتي في مَحلِّه.