ثانياً: نقول: إعرابه قد استوفى الفرع من كل وجه، فنابت فيه الواو عن الضمة، والألف عن الفتحة، والياء عن الكسرة، إذاً: هذا هو الباب الأول وهذا سبب تقديم الناظم كغيره من النحاة.
الأسماء الستة يقال فيها: الأسماء الستة المعتلة المضافة، الأسماء الستة هذا علم بالغلبة، وهو ما وضع لمعنىً كلي وغلب استعماله في بعض جزئياته، الأسماء الستة في الأصل أنه لفظ عام يصدق على أبٍ وأخٍ وحمٍ وهنِ وذو وفم، ويصدق على غيره، لو جمعت أسماء ستة قلت: بيت، وسماء، وأرض، وخالد، وعمرو، ومحمد، تقول: هذه أسماء ستة، أليس كذلك؟ إذاً هذا اللفظ يصدق على كل عدد من الأسماء هو ستة، لكن بالغلبة في الاستعمال غلب على بعض الأسماء دون غيرها، بحيث إذا أطلق انصرف إلى هذه الأسماء الستة دون غيرها، وهذا يسمى علماً بالغلبة، ويأتي في محله في باب العلم، كا لعبادلة مثلاً في الصحابة، والعشرة، إذا أطلق العبادلة كل أربعة تجمع عبد الله فهم عبادلة، لكن إذا أطلق في الصحابة العبادلة انصرف إلى عدد معين، لا ينطلق على غيرهم، وكذلك العشرة المبشرون بالجنة لا ينطلق على غريهم.
بيَّن أن الأسماء الستة ترفع بالواو نيابةً عن الضمة، وتنصب بالألف نيابةً عن الفتحة، وتجر بالياء نيابةً عن الكسرة، ولذلك قال: وَارْفَعْ، هذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب، فهل المراد به أنه يجب رفع الأسماء الستة؟ الجواب: لا، ولو مع استيفاء الشروط؛ لأنه سمع مع استيفاء الشروط إعرابها بالحركات على الأصل، حينئذٍ ارفع، نقول: هذا ليس للوجوب بل هو مُجَوَزٌ مع وجود الشروط التي سيأتي ذكرها أن تُرفع بالواو أو أن تُرفع بالضمة على الأصل.
وَارْفَعْ بَوَاوٍ، يعني: وارفع رفعاً مُصَوَّرَاً بمسمى واو، لا بد من التقدير؛ لأن الواو اسم مسماه هو عين الواو التي تكون في أبوك، حينئذٍ لا بد أن نقدر، نقول: ارفع رفعاً مُصَوَّرَاً بواو، الباء هذه للتصوير، يعني: صَوَّرَت عين الرفع؛ لأن الصحيح أن الإعراب لفظي، فإذا كان لفظياً حينئذٍ الواو هي الرفع والرفع هو الواو، هو عينه، إذ هو هي، فالحركة الضمة هي عين الرفع، والرفع هو عين الضمة، لذلك نقول: ارفع إذا أردت أن تدل على أن هذه الكلمة مرفوعة فانطق بالواو، إذاً الواو هي عين الرفع، والرفع هو عين الواو، لكن ليس الواو ذاتها، وإنما مسمى الواو: واو، أنت لا تقول: أبوواوك! إنما تقول: أبوك، إذاً: مسمى الواو هو الذي يكون علامةً للرفع، وليس عين الواو.
وارفع رفعاً مصوراً بمسمى واو، سواء كانت هذه الواو ظاهرة أو مقدرة، قد تكون ظاهرةً، يعني: ملفوظاً بها، ((وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ)) [القصص:٢٣] أبونا: نطق بالواو.