للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذاً: الأسماء الستة التي سيعُدُّها المصنف هي: " أبٌ .. وأخٌ .. وحمٌ .. وهنٌ .. وفُوهُ .. وذُو مالٍ"، فهذه كما نص عليه: ترفع بالواو كما في قوله تعالى: ((وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ)) [القصص:٢٣] وتنصب بالألف كما في قوله: ((إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)) [يوسف:٨] وتجر بالياء نحو: ((ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ)) [يوسف:٨١] وهذا هو المشهور بأنها معربة بالحروف، وهو مذهب الزجاجي وقطرب والزيادي من البصريين، وهشام من الكوفيين.

قال في شرح التسهيل: وهذا أسهل المذاهب وأبعدها عن التكلف، ما دام أن العرب غايرت بين حروف العلة الواو والياء والألف، والتغير والتبدل هو من سيمى الإعراب، حينئذٍ يفهم منه أنها قد جعلت هذه الحروف علامات إعراب، أو جعلتها إعراباً في نفسه.

ومذهب سيبويه على المشهور والفارسي، ونسب إلى جمهور البصريين: أنها معربة بحركات مقدرة على الحروف وأُتبع فيها ما قبل الآخر للآخر، هذا مذهب سيبويه، هذا أبوك، أبوك، قال: هذا مبتدأ أبوك .. أبو خبر مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على الواو، وأُتبع فيها ما قبل الآخر للآخر، ما هو آخر أبوك؟ الواو، أصلها قبل رجوع الواو؟ أبَوٌ، نحن لا نقول: أبَووك، نقول: أبوك، أليس كذلك؟ أو أبووك؟ فأبوك، نقول: هذا مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على آخره، أتبع فيها ما قبل الآخر للآخر، هنا واو، والواو لا يناسبها ما قبلها إلا أن يكون مضموماً أحسن، إذاً: أصل أبوك، أصلها: أبووك، استثقلت الضمة على الواو فحذفت؛ لأن الأصل هي محل الإعراب فصار مقدراً.

طيب! رأيت أباك، أباك: أصله أبَوَك .. رأيت أبَوَك، ظهرت الفتحة على الواو لخفتها، أليس كذلك؟ حينئذٍ تحركت الواو وانفتح ما قبلها وقلبت ألفاً صار أباك، إذاً ليس عندنا ألف هنا ناب عن فتحة فهو على الأصل، رأيت أبَوِكَ .. على الأصل؛ لأن أب محذوفة اللام واللام واو، حينئذٍ لا بد أن تكون موجودةً رفعاً ونصباً وجراً هذا الأصل.

مررت بأَبَوِكَ، بفتح الباء وكسر الواو، استثقلت الكسرة على الواو فنقلت إلى ما قبلها بعد إسقاط حركتها صار، أبِوْ بكسر الباء وإسكان الواو، جاءت القاعدة الصرفية: سكنت الواو وانكسر ما قبلها فقلبت ياءً فصار أبيك، بأبيك، إذاً: ليس فيه إقامة حرف عن حرف، وهذا فيه تكلف، والأحسن أن يقال: أنها معربة بما تلفظ به العرب، وهذا يحتاج إلى إثبات، أن أصلها كذا ثم أتبع ما قبل الآخر للآخر.

إذاً: في الأسماء الستة مذهبان على المشهور:

مذهب إعرابها بالحركات المقدرة على الأصل؛ لأنه لا يعدل إلى الفرع إلا عند عدم تمكن الأصل، وهذه قاعدة: أنه متى ما أمكن أن يؤتى بالحركة الضمة أو الفتحة أو الكسرة فلا يعدل عنه إلى الفرع، ولذلك رجح ابن عقيل في الأسماء الستة والمثنى: أنها كلها معربة بحركات مقدرة، هذا خلاف المشهور.

والمذهب الثاني: أنها بما نطقت به العرب، أبوك .. أباك .. أبيك، وقد وجد إنابة الحرف -حرف العلة- عن الحركة فلا مانع أن يجعل هذا الباب مما ناب فيه حرف عن حرف، إذاً نقول: هي معربةٌ، فهذه الأسماء الستة تعرب بالواو رفعاً، وبالألف نصباً، وبالياء جراً، فحينئذٍ نقول: هذا هو المذهب المرجح.