للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثانياً: أنَّ الأعلام يَغْلُب عليها النَّقل، بل قد تكون مرتَجلة، وقد تكون منقولة، لكن هذا ليس هو النَّقل الَّذي عناه النُّحاة في باب الأعلام، النَّقل: أن تأخذ لفظ كما هو فتضعه عَلَماً كـ: فَضْل وَحَارِث، وَجُمْلَة اسْمِيَّةْ، وَجُمْلة فِعْلِيَّة، واسم فَاعِل، إلى آخر ما ذُكِر سابقاً، فالنَّقل هناك ليس هو التَّحويل، هنا لا تَصَرُّف في وزنٍ يعني: (عَامِر) يُحَرَّفْ فَيُجْعَل (عُمَرْ) ليس هذا من قبيل النَّقل الَّذي يذكره النُّحاة في باب العَلَم.

أنَّ الأعلام يَغْلِبُ عليها النَّقل، فَجُعِل (عُمَر) معدولاً عن (عَامِر) والأصل أنَّ هذا الثَّاني فيه نظر. فَجُعِل (عُمَر) معدولاً عن (عامر) العَلَم المنقول عن صفةٍ، ولم يُجْعل مرتَجلاً، وكذا باقيها، يعني: كل ما كان على وزن (فُعَلْ) لم يُجْعَل مُرتَجلاً، بل منقولاً عن: عَامِرْ، وعن: وَزَافِرْ، وعن: هُبَل هَابِل ونحو ذلك، لكن نقول: هذا ليس هو النَّقل الَّذي عناه النُّحاة في بابه، وإنَّما هذا تحويلٌ من صيغة إلى صيغة، فرقٌ بينهما، أن تُسمِّي ابنك: فضل، أو تُسمِّيه: ضَارِب، تنقل اسم الفاعل وتجعله عَلَماً، أو تسمِّيه: قَامَ زَيْدٌ، أو: زَيْدٌ قَائِم، نقول هذه كلُّها ألفاظٌ نُقِلَت كما هي، ولم تُغَيَّر الصِّيَغْ فبقيت على ما هي عليه.

وأمَّا (عَامِر) تقول: أنقله إلى اسمٍ وأقول (عُمَر) هذا فيه تَحريف للصِّيغة، وليس الأمر الَّذي عناه النُّحاة.

وفائدة العدل أمران:

الأولى: لفظية، وهي التَّخفيف: عَامِر .. عُمَر، قيل: (عُمَر) أخف، وليس بظاهر هذا، (عَامِر) (عُمَر) إذاً: التَّخفيف هذا ليس بظاهر: هَابِلْ .. هُبَلْ (هُبَلْ) ثقيل، قُثَمْ .. زُحَلْ .. زَاحِلْ .. قَاثِم، أخف، على كلٍ: هذا ما ذكره النُّحاة.

الثَّانية: معنوية، وهي تَمحيض العَلميَّة، إذْ لو قيل: عَامِر، لَتُوهِّم أنَّه صفة (عَامِر) اسم فاعل: عَمَرَ الشيء يَعْمُرهُ، مَرَرتُ بِزَيدٍ عَامِرٍ، يعني: عَامرٍ لنفسه، أو عامرٍ لبيته ونحو ذلك، فدفعاً لهذا التَّوهُّم حينئذٍ عُدِل إلى (فُعَلْ) وهذا فيه نظر.

فإن ورد (فُعَلْ) مصروفاً وهو عَلَم عَلمنَا أنَّه ليس بِمعدول، إذا جاء لفظ على وزن (فُعَلْ) وهو مصروف عَلمنَا أنَّه ليس بمعدول مثل (أُدَدْ) وهو عند سيبويه من الوُدِّ .. من الموَدَّة، فهمزته عن واو، وعند غيره من الإدِّ، وهو العظيم فهمزته أصليَّة.

إذاً: (أُدَدْ) هذا مصروف لكونه على وزن (فُعَلْ) وسُمِع صرفه، حينئذٍ لا يُمكن أن نُرَكِّب معه العدل، فنقول: هو معدول فنمنعه من الصَّرف، إذاً: الضابط حينئذٍ يكون: ما كان على وزن (فُعَلْ) فمنعته العرب من الصَّرف ركَّبْنا معه علَّةً أخرى، وما لم يُسْمَع منعه من الصَّرف أبقينه على أصله، وحكمنا عليه بكونه غير معدولٍ.