للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أو ظاهراً نحو: ((إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى * أَنِ اقْذِفِيهِ)) [طه: ٣٨ - ٣٩] ما هو الذي أوحي؟ ((إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى)) [طه:٣٨] الذي يوحى، أو إيِحاءاً، جعلنها مَصدريَّة أو اسم موصول، ما الذي أوحي؟ ((أَنِ اقْذِفِيهِ)) [طه:٣٩] إذاً: جاءت (أنْ) هنا مُفسِّرة، واضح أنَّ الذي أوحي هذا مُبهم، ما هو الذي أوحي؟ ((أَنِ اقْذِفِيهِ)) [طه:٣٩] إذاً: (أنْ) هذه مُفسِّرة، ولذلك بعدها: (اقْذِفِيهِ) .. (قُم) ليس فعل مضارع.

((وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ)) [الصافات:١٠٤] (يَا إِبْرَاهِيمُ) قلنا: في الأصل هذا مفعول به، إذاً: هو مُقدَّر، وضابطها: هي المسبوقة بِجملةٍ فيها معنى القول دون حروفه، ولذلك لا بُدَّ من تَحقُّق ثلاثة شروط من أجل الحكم على أنَّها مُفسِّرة:

- أولاً: أن تسبقها جُملةٌ دَالةٌ على معنى القول، وليست مُشتملةً على حروفه ولا مؤولة به، يعني: ما يَدلُّ على حَدَثٍ ولم يكن ذلك الحَدَث القول أو ما يؤول إلى القول، فإن كانت القول أو ما يؤول إلى القول فالأكثر على أنَّه لَحنٌ في لسان العرب، يعني لا يُقال: قلت له أنْ قُم، هذا غلط ليس بصحيح، لماذا؟ لأنَّ (أنْ) المُفسِّرة لا تُفسِّر القول ولا ما يؤوَّل بالقول، ولذلك يُقال: بأنَّه خطأ .. أكثر النُّحاة على أنَّ هذا التركيب غلط.

فلو جيء بِجملة مشتملة على صريح القول لم تحتج إلى تفسير.

وأنْ تتأخر عنها جُملة، يعني: ما بعدها: ((أَنِ اقْذِفِيهِ)) [طه:٣٩] (اقْذِفِيهِ) جُملة .. (قُم) جُملة .. (نَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ) قلنا: (يَا إِبْرَاهِيمُ) هذا جُملة، إذاً: لا بُدَّ أن يكون ما بعدها جُملة، فلو كان مُفرداً قالوا: لا يَصِّح أن يؤتى بـ: (أنْ) وإنما يؤتى بـ: (أيْ) المُفسِّرة، كما سبق أنَّ: (أيْ) تكون مُفسِّرة في المفردات، فتقول: اشْتريت عَسْجَداً، أي: ذهباً، هنا (أيْ) جاءت مُفسِّرة لمفرد ووقع بعدها مفرد، (ذَهباً) ليس بِجملة، وشرط (أنْ) المُفسِّرة أن يقع بعدها جملة، وهنا لم يقع بعدها جملة.

إذاً: هل يَصِّح أن يُقال: اشتريت عَسْجداً أنْ ذَهباً؟! نقول: لا يَصِّح، لماذا؟ لأن (أنْ) لا يُفسَّر بها المفردات وإنما يُفَسَّر بها الجُمل، وأمَّا: اشتريت عَسْجداً أنْ ذَهباً، هذا غلط ليس بصحيح، إمَّا أنَّك تَحذفها: اشتريت عَسْجداً ذَهباً فصحيح، على أن يكون (ذَهباً) عطف بيان، أو بدل مَمَّا سبق، وأمَّا إذا أردت أن تأتي بِمفَسِّر حينئذٍ لا بُدَّ أن يكون (أنْ).