للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذاً: (إنَّ أبَاهَا وَأبَا أبَاهَا) .. أبَاهَا: المضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة على الألف، مع كونه مضافاً لغير ياء المتكلم، فدل على أن من العرب من يعرب الأسماء الستة مع استيفائها للشروط إعراب المقصور من فتىً ونحوه، وهي لغة القصر، وكذلك قولهم: سمع، يعني: وقد يقال بأنه شعر ضرورة، نقول: سمع قولهم للمرأة حماة، كلمة دراجة الآن، إذا قيل: حماة مثل فتاة، وإذا قيل: فتاة، العرب تفرق بين المذكر والمؤنث بالتاء، إذاً: فتى .. حمى، هذا الأصل صار مثل فتى.

وكذلك القول للمرأة: حماةٌ، إذاً نقول: يستدل بقولنا: أباها وأبا أباها على ثبوت لغة القصر، وأن أباً ونحوه يلزم الألف ويعرب بالحركات المقدرة على آخره، منه يدل على ذلك قولهم للمرأة: حماة، فإذا قالوا ذلك للأنثى فإنهم يقولون للمذكر: حمى، بألف مقصورة، إذ لا فرق بين المذكر والمؤنث إلا تاء التأنيث، كما في فتى وفتاة، فتىً وفتاة لا فرق بينهما إلا بتاء التأنيث، كذلك حمى وحماة لا فرق بينهما إلا بتاء التأنيث.

كذلك المثل المشهور: (مُكْرَهٌ أخَاكَ لا بَطَل)، هذا منه: (مُكْرَهٌ أخَاكَ لا بَطَل)، أخاك: هذا مبتدأ مؤخر، ومكره: هذا خبر مقدم ولا يجوز العكس، لماذا؟ لا يجوز أن يكون: مكره .. هذا مبتدأ؛ لأنه نكرة، وأخاك: هذا معرفة، وأما على مذهب الكوفيين فيجوز أن يكون مكرهٌ: هذا مبتدأ، وأخاك: هذا نائب فاعل سد مسد الخبر، لكن نقول: هذا ليس بصواب، بل الصحيح أن يكون أخاك: هذا مبتدأ مؤخر، ومكره: خبر مقدم، إذاً: لزم الألف.

إذاً قوله: وَقَصْرُهَا، أي: أبٌ وأخٌ وحمٌ مِنْ نَقْصِهِنَّ أَشْهَرُ، يعني: أشهر من نقصهن، إذاً: يجوز في أب وتالييه ثلاث لغات:

الإتمام وهذا الأشهر، ثم القصر وهذا أشهر لكنه دون الأول، ثم النقص وهذا أدناها: ثلاث لغات في أبٍ وتالييه، وهنُ فيه لغتان: الإتمام والنقص، وذو وفم، فيه لغةٌ واحدة.

قوله: أَشْهَرُ .. وَقَصْرُهَا مِنْ نَقْصِهِنَّ أَشْهَرُ: يفيد أن النقص شهير؛ لأنه جاء بأفعل التفضيل، يفيد ماذا؟ أن النقص شهير، ولكن القصر أكثر أشهر، وهو كذلك، ولا ينافيه قوله: وَفِي أبٍ وَتَالِيَيْهِ يَنْدُرُ، أي: النقص؛ لأن الشهرة ضد الخفاء، فلا تنافي الندرة التي هي قلة الاستعمال، وأشهر: هذا أفعل تفضيل لكنه شاذ، أشهر، وإن جاء به الناظم على هذا، لكنه سيأتي في بابه أنه شاذٌ؛ لأنه إما من شُهِرَ المبني للمجهول ولا يصاغ منه أفعل التفضيل، وإما من أشْهرَ الزائد على الثلاثي، وهذا كذلك لا يصاغ منه أفعل التفضيل إلا بواسطة كما سيأتي في محله، إذاً: هذا التركيب شاذ.

وَقَصْرُهَا مِنْ نَقْصِهِنَّ أَشْهَرُ، إذاً: ذكر ذو وفم، وليس فيهما إلا لغة واحدة وهي الإتمام، وهنُ فيها لغتان: الإتمام والنقص، والنقص أفصح وأكثر استعمالاً، ولذلك أنكر الفراء وغيره الإتمام، وهو محجوج بسماع سيبويه له، ثم أبٌ وأخ ٌوحمٌ فيه ثلاث لغات، على لغة النقص: