إذاً نقول: ذكر النحويون .. -قال ابن عقيل-: ذكر النحويون لإعراب هذه الأسماء بالحروف شروطاً أربعة، هذه العامة التي تعم الكل، وثم شروط خاصة، وهي: ذو، أن تكون بمعنى صاحب، والفم حيث الميم منه بان، حينئذٍ لكل من هذين الاسمين شرط خاص به، ذو: أن تكون بمعنى صاحب، وأن تضاف إلى جنس ظاهر كما سيأتي، وفم: شرط لها أن تنفصل عن الميم مع بقية الشروط، فحينئذٍ لـ (ذي) كم شرط؟ ستة شروط، ولـ (فمٍ) خمسة شروط، وما عداها أربعة شروط، إذاً: هذه الأربعة عامة، وأما (لذي وفمٍ) فذو يشترط فيها شرطان عن الأربعة صارت ستة، وفمٌ يشرط فيها انفصال الميم، وهذا شرط خامس فهي خمسة في شأنها.
إذاً: هذه الأربعة نقول: هذه شروط للجميع، مع بقية الشروط التي ذكرها في أول الباب، أحدها –أولها-: أن تكون مضافةً، واحترز بالإضافة عما إذا لم تضف، إذا لم تضف حينئذٍ صارت مفردة، النحاة يستعملون المفرد في مقابل المضاف، كما يستعملون المفرد في مقابل المضاف، كما يستعملون المفرد في مقابلة المثنى والجمع، كما سيأتي في باب المبتدأ: وَمُفْرَداً يَأْتِي وَيَأْتِي جُمْلَهْ.
إذاً: المفرد هنا في هذا المقام ألا تضاف، فإن أضيفت جاءت على الشرط، فإن انفصلت عن الإضافة تخلف الشرط، وإذا تخلف الشرط تخلف الحكم وهو جواز الإتمام.
أن تكون مضافة: واحترز بها عما إذا لم تضف فإنها تكون منقوصةً معربةً بالحركات الظاهرة، نقول: هذا أبٌ وله أخٌ، وله: هذا جار ومجرور خبر مقدم، أخٌ: مبتدأ مؤخر.
((إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً)) [يوسف:٧٨] .. ((وَبَنَاتُ الأَخِ)) [النساء:٢٣] هذه جاءت مفردة، يعني: غير مضافة فتعرب على الأصل بالحركات الظاهرة، هذا الأصل فيها.
وكلها تفرد عن الإضافة إلا (ذو) .. فإنها ملازمة للإضافة، وعليه كما ذكر بعضهم أن هذا الشرط يعتبر لـ (ذو) من باب تحصيل الحاصل، وإذا أردنا أن نقول: من باب تحصيل الحاصل، فنقول: الشروط لـ (ذو) خمسة كما هو الشأن في (فمٍ).
إذاً: كلها تفرد إلا (ذو) فإنها ملازمة للإضافة.
أن تكون مضافةً، واحترز بذلك من ألا تضاف، سواء كان المضاف مذكوراً أو مقدراً، جاء في لسان العرب:(خَالَطَ مِنْ سَلْمىَ خَيَاشِيمَ وَفَا)، هذا محل إشكال عند النحاة، نحن اشترطنا الإضافة أن يكون مضافاً، أليس كذلك: أن يكون المضاف مذكوراً، طيب سمع:(خَالَطَ مِنْ سَلْمىَ خَيَاشِيمَ وَفَا)،، خالط: فعل ماضي، من سلمى: جار ومجرور متعلق بخالط، خياشيم: هذا مفعول به منصوب، وفا: الواو حرف عطف، وفا هذا معطوف على خياشيم، والمعطوف على المنصوب منصوب، حينئذٍ هنا أعربه بماذا؟ أعربه بالألف نيابةً عن الفتحة.
فلو قلنا: شرط الإعراب الإتمام بالألف: أن تكون مضافة انتقض بهذا البيت، قالوا: لا، لا ينتقض، يمكن أن يؤول بأن تكون الإضافة هنا معنوية أو منوية، أن تكون منوية، والتقدير: خالط من سلمى خياشيمها وفاها، فهو مقدر، إذا كان كذلك حينئذٍ نعمم الشرط، فنقول: أن تكون مضافةً سواء كان المضاف إليه مذكوراً أو مقدراً من أجل إدخال هذا النص، وهذا كما ذكرته لكم سابقاً ومراراً: أن الشيء المطرد لا يعترض عليه بمثل هذه المشتبهات، فحينئذٍ لا بد من تأويلها.