للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: إذا أردت بالوصف المصوغ من العدد أنَّه يجعل نفس الوصف .. الوصف يجعل ما هو تحت ما اشْتُقَّ منه مساوياً له، تحت ما اشْتُقَّ منه يعني: يضاف إلى ما هو أقل مما اشْتُقَّ منه، إذا كان اشْتُقَّ من الأربعة حينئذٍ تضفه إلى ما هو أقل من الأربعة وهو: الثلاثة تقول: رابع ثلاثةٍ، حينئذٍ وضيفته: أن يجعل هذا الأقل مساوياً لما اشْتُقَّ منه، فتقول: رابع ثلاثةٍ أي: مصيِّر الثلاثة أربعاً.

أنَّه يجعل ما هو تحت ما اشْتُقَّ منه مساوياً له (فَحُكْمَ جَاعِلٍ لَهُ احْكُمَا) احكما له حكم جاعلٍ، لم يقل: فاعل وإنَّما قال (جَاعِلٍ) ليبين لك أنَّه بمنزلته في المعنى والعمل، و (جَاعِلٍ) معلوم أنه مثل ضارب، وضارب يجوز فيه الوجهان: الإضافة والنَّصب.

(فَحُكْمَ جَاعِلٍ لَهُ احْكُمَا) فإن كان بمعنى المضي وجبت إضافته، وهذا لا إشكال فيه، وإن كان بمعنى الحال أو الاستقبال جاز فيه الوجهان يعني: جازت فيه إضافته وجاز تنوينه وإعماله فتقول: هذا رابعُ ثلاثةٍ ورابعٌ ثلاثةً، (رابعٌ) هذا اسم فاعل تعربه على حسب ما قبله، إذا قلت: (رابعٌ) خبر وهو اسم فاعل، والفاعل ضمير مستتر، وثلاثةً مفعولٌ به مثل: ضاربٌ زيداً .. حكم واحد.

هذا رابعُ ثلاثةٍِ، ورابعٌ ثلاثةً أي: هذا مصيِّر الثلاثة أربعةً وتؤنث الوصف مع المؤنث كما سبق، فالوصف المذكور حينئذٍ فاعلٌ حقيقةً، لأنَّك تقول: ثلَّثتُ الرجلين .. هذا الأصل، إذا انضممت إليهم فصرتم ثلاثة، وكذلك ربَّعتُ الثلاثة إلى عشر: عشَّرتُ التسعة يعني: صرتُ عاشراً لهم.

ففاعل هنا بمعنى: (جَاعِلٍ) وجارٍ مجراه لمساواته له في المعنى والتَّفرُّع على (فَعَلَ) يعني: من حيث المعنى ومن حيث العمل هو دالٌّ على وصفٍ، وإذا كان كذلك حينئذٍ يعامل معاملة (جَاعِلٍ) من حيث العمل، بخلاف الفاعل الذي يراد به معنى أحد ما يُضاف إليه ثاني اثنين السابق، فإن الذي هو في معناه لا عمل له ولا تَفَرُّع له على فَعَلَ فالتُزمت إضافته كما سبق.

يعني: لم يتضمن معنى الحدث الذي تضمنه الثاني، لأنَّ الثاني تضمن معنى مصيِّر: أنا صيَّرت إذاً: فيه حدث متعدٍ: أنا صيَّرت الثلاثة أربع .. رابعُ ثلاثةٍ .. لي تأثير .. لي حدث، وأمَّا ثاني اثنين: أنا واحدٌ منهم، ليس فيه زيادة معنى.

وَإِنْ تُرِدْ جَعْلَ الأَقَلِّ مِثْلَ مَا ... فَوْقُ. . . . . . . . . . . . .

الأقل مثل ما فوقه، (فَحُكْمَ جَاعِلٍ لَهُ احْكُمَا) احْكُمَاً الألف هذه بدلاً عن نون التوكيد الخفيفة، (فَحُكْمَ) مفعولٌ به لقوله (احْكُمَا) وهو مضاف و (جَاعِلٍ) مضافٌ إليه.

قال هنا: " وإنَّما قال (جَاعِل) ولم يقل (فاعل) تنبيهاً على أن اسم الفاعل بمعنى (جَاعِل) ففيه ما في فاعل وزيادة وهو اسم الفاعل حقيقةً، لأنَّهم قالوا: ربَّعتُ الثلاثة أُربِّعُ بمعنى: صيرتهم بنفسي أربعةً".

إذاً: ذكر في هذين البيتين استعمالين، والأول .. البيت السابق ذكر استعمالاً مفرداً، وذكر في هذين البيتين استعمالين مركَّبين:

الأول: بمعنى بعض ويضاف إلى ما اشْتُقَّ منه: ثاني اثنين .. رابع أربعة إلى آخره.

والثاني: بمعنى مصيِّر الأقل للمساوي له.