أما معناه اللغوي: فهو ما دل على اثنين، كل ما دل على اثنين فهو مثنى، زوج وشفع، والزيدان، واثنان، وكلا، وكلتا، كل هذه مُثَنّىً في لغة العرب، فهو عام يشمل هذا وذاك.
وأما في اصطلاح النحاة: فهو أخص، إذ دائماً العلاقة بين المعاني اللغوية والمعاني الاصطلاحية لا التباين، ليست متباينة، بل هو المعنى نفسه في لسان العرب، ولكن خُصَّ ببعض أفراده، وهو ما يسمى: بالحقيقة العرفية، العلاقة بينهما العموم والخصوص المطلق:
كل مُثَنّىً اصطلاحاً فهو مُثَنّىً لغةً من غير عكس.
حقيقته عند النحاة: ما دل على اثنين بزيادة في آخره، صالح للتجريد وعطف مثله عليه، (ما) اسم موصول بمعنى: الذي، نفسره بماذا؟ اسم معرب لا نقل: لفظ، وحينئذٍ يدخل معنا الكلام والجملة والكَلِم؛ لأن اللفظ عام، لا نقل: كلمةٌ، فيدخل معنا الاسم والفعل والحرف، ولا نقل: اسم فيدخل معنا المبني؛ لأن الكلام الآن في ماذا؟ الكلام في المعربات، والعناوين معتبرة في الحدود والأحكام التي تذكر تحتها، ماذا نقول نحن؟
إذاً:(ما) هذه نقول: اسم معرب، إذاً: اسم موصول بمعنى: الذي، هو مبهم، بماذا يفسر؟ يفسر باسم معربٍ .. اسم لا فعلٍ ولا حرفٍ، معربٍ لا مبني، فالمبني هنا ليس بداخل.
ما دل على اثنين:(ما) قلنا: اسم معرب فهو جنس، دخل فيه كل ما يدل على اثنين، لكن بشرط أن يكون اسماً معرباً.
دل على اثنين: خرج به ما دل على واحد؛ لأن اسم معرب يشمل ما دل على اثنين، وما دل على واحد، وما دل على أكثر من اثنين، أليس كذلك؟ (ما) اسم معربٌ دخل فيه ما دل على اثنين، ودخل فيه ما دل على واحد، ودخل فيه ما دل على الجمع، إذاً: نحتاج أن نخرج ما دل على الواحد، وما دل على أكثر من اثنين، حينئذٍ قلنا: ما دل على اثنين.
وللفائدة: الأفعال الداخلة في الحدود منزوعة الزمن (دل) متى؟ في الماضي مثل: قام زيد، نقول: لا، ليس هذا المراد، إنما (ما) يعني: اسم معرب ذو دلالة على اثنين؛ لأن الدلالة على اثنين لو كانت في الزمن الماضي الآن منتفية، وفي المستقبل منتفية، فارتفع المثنى من أصله؛ لأنه انقطع، كان في لسان العرب قديم، دل على اثنين، والآن لا يدل على اثنين، هذا إذا اعتبرنا الزمن في الأفعال الداخلة والحدود، قد نص بعضهم .. بعض المحشين على أن الأفعال الداخلة في الحدود منزوعة الزمن، وهذا قد يراد:((وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً)) [النساء:٩٦] كان: فعل ماضي، كان متى؟ نقول: ماضي لفظاً ومعنىً، أو ماضٍ لفظاً لا معنىً؟ الثاني، ثم الثاني: هل هو يفسر بالحال أو بالإطلاق؟ يفسر بالإطلاق؛ لأن الله موصوف صفوة أزلية لا أول لها ولا آخر، فحينئذٍ نقول: هو موصوف بكونه غفوراً رحيماً، فـ (كان) هذه نعبر عنها بكونها منزوعة الزمن، دائماً القرآن كله من أوله إلى آخره، وكان وكان .. نقول: منزوعة الزمن.