فحينئذٍ المثنى الحقيقي هذا من حيث الحد سماعي، ومن حيث الآحاد قياسي، يعني: أفراده -المثنى الحقيقي-، لذلك ما ذكر له أمثلة: بالألف ارفع المثنى كثير هذا، لك أن تولد ما تشاء من الكلمات؛ لأنه غير مقصور على السماع، وأما الملحق الذي لم يصدق عليه حد المثنى حينئذٍ نكتفي بالسماع.
ولذلك نقول: هي خمسة، ولا يجوز نحواً أن تزيد عليه سادسة، إلا إذا سمع أو ما اختلف فيه، أما أن تولد ذهن من عندك هكذا، تقول: هذا ملحق بالمثنى لا، هذا ممنوع، لماذا؟ لأنه خارج عن القياس، وما خرج عن القياس غيره عليه لا يقاس.
إذاً:(كلا) نقول: هذا ملحق بالمثنى، وهو اسم مفرد عند البصريين يطلق على اثنين مذكرين، وهو المثنى المعنوي، لكن هل يرفع بالألف مطلقاً؟ إذا قيل: و (كلا) هنا ما إعرابه؟ معطوف على المثنى، حينئذٍ يكون التقدير ماذا؟ ارفع المثنى بالألف، وارفع (كلا) بالألف كذلك، لكن قيده المصنف، ليس مطلقاً؛ لأن (كلا) له حالان: قد يضاف إلى الضمير، وقد يضاف إلى اسم ظاهر، هو ملازم للإضافة سيأتي معنا .. ملازم للإضافة سيأتي في باب الإضافة.
إذا كان ملازماً للإضافة إلى المفرد: إما أن يكون هذا المفرد اسماً ظاهراً، وإما أن يكون ضميراً، المصنف قيد على اللغة المشهورة: أنه لا يلحق بالمثنى إلا في حالة واحدة على المشهور، وهي: أنه إذا أضيف إلى الضمير، ولذلك قال:(إذا) ظرف مستقبل لما يستقبل من الزمان مضمن معنى الشرط، إذاً: هذا شرط، كما قال هناك: إنْ صُحْبَةً أَبَانَا، هنا قال: إِذَا بِمُضَمَرٍ مُضَافاً وُصِلاَ، يعني: بهذا الشرط ارفع (كلا) بالألف، مفهومه .. مفهوم المخالفة: إذا لم يكن وُصل بمضمرٍ لا ترفعه بالألف، إذاً: هذا قيد للإدخال والإخراج، للإدخال بالمنطوق وللإخراج بالمفهوم؛ لأنه معتبر، إِذَا بِمُضَمَرٍ أخرج ماذا؟ أخرج الظاهر، أخرج الظاهر بالمنطوق أو بالمفهوم؟ بالمفهوم، إِذَا بِمُضَمَرٍ، بمضمر: هذا جار ومجرور متعلق بوُصِلاَ مقدرةً؛ لأن (إذا) مضمن معنى الشرط، والقاعدة عند جماهير النحاة: أن أدوات الشرط لا يليها إلا فعلٌ ظاهراً كان أو مقدراً.
((إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ)) [التكوير:١] إذا كورت الشمس كورت، الشمس: هنا جوز بعضهم أن تكون مبتدأ، وهو مذهب الفارسي، لكنه ضعيف كما سيأتي في محله.
ولذلك يكاد يكون إجماع، بل حكي الإجماع بين البصريين الكوفيين: إن (إذا) في مثل هذه التراكيب لا يليها إلا فعلٌ، لكن البصريون؛ لأنهم يمنعون تقديم الفاعل على الفعل لم يأذنوا بأن يعرب (الشمس) في هذا التركيب فاعلاً، فحينئذٍ: إما أن يكون مبتدأ، وإما أن يكون فاعل، الفاعل ممتنع، والمبتدأ يمتنع؛ لأنك إذا كان كذلك حينئذٍ وليت (إذا) الشرطية جملة اسمية، وهذا ممتنع، فقدروا فعلاً:((إِذَا الشَّمْسُ)) [التكوير:١] إذا كورت الشمس.