بواوٍ ونون (مَا بِهِ تَكَمَّلاَ): ما تَكملَّ به وهو: الألف، عندنا حذف هنا، ثُمَّ أبق الفتح حال كونك مُشعراً بالمحذوف: مصطفى، مرَّ معنا في الجمع هناك قلنا:(مصطفَون)((وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ)) [آل عمران:١٣٩](الأَعْلَوْنَ) أصلها: أعلاون، ألفٌ بعدها واو، التقى ساكنان، حُذِفت الألف، ولا يجوز حذف الألف إلا إذا دلَّ دليلٌ قبلها عليها (أَعْلَوْنَ) بفتح اللام، ولا يجوز ضمها (أَعْلُوْن) هذا باطل، لماذا؟ لأنَّك لو ضممتها لحذفت دليل الألف، ومعلومٌ أنَّ حذف الحرف الأصلي لا يجوز .. حرام عندهم، هذا كما لو قطعت أصبعاً من رجل .. لا يجوز، هذا مثله، لكن ذاك شرعي وهذا لغوي.
إلا بشرط: أن يكون حرف عِلَّة، ثُمَّ لهذا الحرف دليلٌ يبقى بعد حذفه، يعني: إذا حذفت حينئذٍ لا يخلو إمَّا أن يكون المحذوف ألفاً، أو واواً، أو ياءً، لا يجوز حذف الألف إلا إذا بقي فتحة قبلها، ولا يجوز حذف الواو إلا إذا بقي ضمةٌ قبلها تدلُّ عليها، ولا يجوز حذف الياء إلا إذا كان قبلها كسرة تدلُّ عليها، هذا دليلٌ على المحذوف.
فإن وُجِد هذان الشرطان:
- أن يكون حرف عِلَّة لا صحيحاً.
- وأن يكون قبلها دليل .. ما يدلُّ عليها، جاز.
(وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ) أصلها: أعلَى، حينئذٍ نقول (أعلى): جاءت الواو، التقى ساكنان:(أعلى) الألف والواو، لا يمكن حذف الواو، التقى ساكنان .. قد يقول قائل: لماذا لا نحذف الواو؟ الواو للجمع .. جاءت لمعنى، وهي حرف إعراب، فتعيَّن حذف الألف؛ لأنَّه لا يُمكن تحريكها، وما قبلها مفتوح، حينئذٍ نقول:(أَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ).
ولذلك يُقال في جمع المذكَّر السالم: الواو المضموم ما قبلها حقيقةً أو تقديراً .. حقيقةً في مثل: زيدون .. مسلمون، وتقديراً في مثل: مصطفون والأعلون، مصطفون .. مصطفى هذا الأصل، الألف هذه منقلبة عن واو: مَصْطَفَوُن، تَحرَّكت الواو وانفتح ما قبلها .. لأنَّه من الصفوة الألف هذه منقلبة عن واو، حينئذٍ تقول أصله: مُصْطَفَوُن، تَحركَّت الواو وانفتح ما قبلها فوجب قلبها ألفاً، قيل:(مصطفى)، ثُمَّ جيء بالواو والنون وحصل فيه ما حصل مع (الأَعْلَوْنَ)، فَحُذِفت الألف وبقي ما قبلها دليلٌ عليها.
إذاً: المقصور إذا جمعته بواوٍ ونون ماذا تصنع؟ تحذف (مَا بِهِ تَكَمَّلاَ) تكمِّل بماذا .. الكلمة كَمُلت بماذا؟ بالحرف الأخير:(مصطفى)، كَمُلَت بالألف، و (أعلى)، كَمُلَت بالألف وهكذا، فالحرف الأخير حصل به كمال الكلمة، احذفه، ثُمِّ أبق الفتح مُشعراً بما حُذِف، يعني: لا يجوز تحريك ما قبل الآخر لمناسبة الواو، لماذا نص هنا على الفتح .. إبقائها؟ لأنَّ الأصل فيما جُمِع بواوٍ ونون أن يُحَرَّك ما قبل الواو، لأنَّ الواو لا يكون ما قبلها إلا مضموماً وهنا كذلك، لأنَّ الألف المحذوفة هنا محذوفة لعلَّةٍ تصريفية فهي كالموجودة، لأنَّ المحذوف لِعلَّة تصريفية كالثابت.