للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومثال الأولى: (مُسْتَدْعٍ) فتقول في جمعه: مَدَاعٍ (مَفَاعِل)، فتحذف السين والتاء، لأنَّ بقائهما يُخِلُّ ببنية الجمع، وَأُبْقِيت الميم لأنها مُصدَّرة، يعني: لها مزيَّة في المعنى على السين والتاء، لكون زيادتها لمعنىً مختصٍّ بالأسماء، بخلاف السين والتاء فإنهما يزادان في الأسماء والأفعال، (وَالْمِيمُ) مُصدَّرة، ومجرَّدة للدَّلالة على معنى وهو اسم الفاعل.

وتقول في أَلنْدَدٍ وَيَلَنْدَدٍ، يعني: في جمعهما: ألادَّ وَيَلادَّ، فتحذف النون وَتُبْقِى الهمزة من: أَلَنْدَدْ، والياء من: يَلَنْدَدْ، ولذلك تقول: (ألادَّ) أبقيت الهمزة وحذفت النون، و (يلادَّ) أبقيت الياء وحذفت النون، لماذا؟ لِتَصَدُّر كُلٍّ من الهمزة والياء، يعني: وقعت صدراً، وحذف الصدر هذا لا نظير له، أو له نظير لكنَّه ليس بالكثير، وَحَملُ الشيء على ما له نظير أولى.

ولأنَّهما في موضعٍ، يعني: في مكانٍ يقعان فيه دَالَّين على معنىً، وذلك في الفعل المضارع، يعني: شُبِّهت همزة: ألندد، بهمزة: أقوم، وقعت في الأول ووقعت في الأول، هناك في: أقوم، دلَّت على معنى، إذاً: حُمِل هذا على ذاك .. شابهه فأخذ حكمه، كأنَّها دلَّت على معنى، هي لم تدل على معنىً هنا، وإنَّما وقعت في موضعٍ تقع فيه الهمزة تدل على معنىً وذلك في الفعل المضارع.

وكذلك: يلندد، الياء هنا وقعت في موقع: يقوم، و (يقوم) هذه الياء تدلُّ على الغَيْبَة، حينئذٍ ياء: يلندد، لا تدلُ على الغَيْبَة، وإنَّما وقعت في محلٍّ لو كان الفعل فعلاً مضارعاً لدلَّت على معنىً، إذاً: المشابهة في المحل فحسب.

بخلاف النون فإنها في موضعٍ لا تدل فيه على معنىً أصلاً، وهذه مزيَّة معنوية هنا، والألندد واليلندد: الخصم، يُقال: رَجُلٌ ألندد ويلندد: أي خَصِمٌ مثل: الألد.

ثُمَّ قال:

وَالْيَاءَ لاَ الْوَاوَ احْذِفْ انْ جَمَعْتَ مَا ... كَحَيْزَبُونٍ فَهْوَ حُكْمٌ حُتِمَا

(وَالْيَاءَ لاَ الْوَاوَ احْذِفْ) احذف الياء، (الْيَاءَ) مفعول مُقدَّم لقوله: (احْذِفْ)، (لاَ الْوَاوَ) عطف، يعني: لا تحذف الواو، (انْ جَمَعْتَ مَا) هذا مفعولٌ به، (كَحَيْزَبُونٍ) وعيطموس، (حَيْزَبُون) هذا فيه زيادتان: الواو والياء.

قال: احذف الياء ولا تحذف الواو، (فَهْوَ) الفاء للتعليل، و (هْوَ) مبتدأ، (حُكْمٌ) هذا خبر، (حُتِمَا) أي: الحكم، والألف للإطلاق، والجملة صفة لـ: (حُكْم).

إذا كان مثل: حيزبون وعيطموس، نقول هنا: لا نحذف الواو بل نبقيها، ونحذف الياء، والتعليل: أنَّنا لو حذفنا الواو لم نستفد شيئاً في الوزن، لأنَّنا لو حذفنا الياء سنحذف الواو مرةً أخرى، كما سيأتي.

قال الشارح هنا: إذا اشتمل الاسم على زيادتين، وكان حذف إحداهما يتأتَّي معه صيغة الجمع، وحذف الأخرى لا يَتأتَّى معه ذلك، حُذِف ما يَتأتَّى معه صيغة الجمع وَأُبْقِى الآخر. وهذا واضح، عندنا زيادتان إحداهما: بحذفها يتأتَّى الجمع، والأخرى لا يتأتَّى الجمع، حينئذٍ ماذا نُبقي، وماذا نحذف؟ نُبْقِي ما لا يَتأتَّى الجمع إلا بها، ونحذف ما يَتأتَّى الجمع بدونها.