للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أمَّا جمع التصحيح قالوا: لا، لماذا؟ لإغناء ذِكْر التَّثنية عن ذكره، لأنَّ كُلَّ ما يُرَدُّ فيه يُرَدُّ فيها من غير عكسٍ، كـ: لام أبٍ وأخٍ، فإنَّها تُردُّ في التَّثنية دون الجمع، يعني: ردُّ اللام إذا رجع في التَّثنية لزم أن يرجع في جمع التصحيح من غير عكس، فصار الأعم: التَّثنية، لأنَّه ما يأتي ردٌّ في جمع التَّصحيح إلا وَرُدَّ في التَّثنية، وَقَد يُرَدُّ في التَّثنية ولا يُرَد في جمع المذكَّر السَّالم، إذاً: أيُّهما أعم؟ جمع التَّثنية أعمُّ من جمع التصحيح، إذاً: لماذا ذَكَره؟

لا فائدة من ذكره، إلا أن يُقال من باب تتميم الفائدة، بأنَّه يُرَدُّ في كذا وَيُرَدُّ في كذا، على كُلٍّ: اعْتُرِض عليه في هذا، قيل: لا تظهر فائدةٌ لذكر جمع التَّصحيح المُذكَّر لإغناء ذكر التَّثنية عن ذكره، لَمَّا ذكر: (أَوْ فِيْ التَّثْنِيَهْ) يكفي، لأنَّه إذا رُدَّ في التَّثنية رُدَّ في جمع التَّصحيح، لأنَّ كُلَّ ما يُرَدُّ فيه يُرَدُّ فيها من غير عكس، كُل ما رُدَّ في جمع التصحيح المُذكَّر رُدَّ في التَّثنية، وقد يُرَدُّ في التَّثنية ما لا يُرَدُّ في جمع التصحيح.

إذاً: لو اكتفى بالتَّثنية عن جمع التَّصحيح المُذكَّر لاختصر الكلام، فـ: أب وأخ، هذه تُرَدُّ في التَّثنية: أبوان وأخوان، ولا تُرَدُّ في الجمع، وأمَّا جمعه: أَخُون وأبون، قلنا: هذا شاذ يُحْفَظ ولا يُقاس عليه.

وَحَقُّ مَجْبُورٍ بِهَذِي تَوْفِيَهْ ..

(وَحَقُّ) مبتدأ وهو مضاف، و (مَجْبُورٍ) مضافٌ إليه، (بِهَذِي) توفيةٌ بهذي، (تَوْفِيَهْ) هذا خبر، و (بِهَذِي) مُتعلِّقٌ به، (وَحَقُّ مَجْبُورٍ) بردِّ لامه إليه بهذي المواضع الثلاثة، (بِهَذِي) يعني: فيها، الباء هنا بمعنى: في، ما هي المواضع الثلاثة؟

جمع المؤنَّث السَّالم .. بألفٍ وتاء، والمذكَّر، والتَّثنية.

التي ذكرها في الشَّطر الأول: (فِي جَمْعَيِ التَّصْحِيحِ) هذان أمران، (أَوْ فِيْ التَّثْنِيَهْ) هذا الأمر الثالث، (وَحَقُّ مَجْبُورٍ) يعني: بردِّ لامه إليه (بِهَذِي) المواضع الثلاثة أي: فيها، (تَوْفِيَةٌ) بِردِّها إليه في النَّسب إليه، يعني: تُوَفِّي الكلمة حقَّها وتكرمها إذا رددتها في النَّسب إلحاقاً بهذه المواضع الثلاثة، لأنَّ باب النَّسب كالتَّصغير والجمع يَرُد الأشياء إلى أصولها في الجملة، حينئذٍ لَمَّا رُدَّت في هذه المواضع الثلاثة من حقِّ الكلمة أن تُوفِّي إليها وتكرمها، أن تُعيد إليها هذا المحذوف في النَّسب.

وَحَقُّ مَجْبُورٍ بِهَذِي تَوْفِيَهْ ..

يعني: أنَّ ما جُبِر في التَّثنية وجمعي التصحيح جُبِر في النَّسب وجوباً، هذا تصريحٌ بالمفهوم السابق، لأنَّه نَصَّ على ذلك (إنْ لَمْ يَكُ جَوَازاً) جائزاً .. (وَاجْبُرْ جَوَازاً إنْ لَمْ يَكُ رَدُّهُ أُلِفْ فِي جَمْعَيِ التَّصْحِيحِ) مفهومه: إن أُلِفَ رَدُّه في جمعي التصحيح أو في التَّثنية، فالحكم مُخالف لقوله: (جَوَازَاً) ولا يقابل جوازاً إلا الوجوب، صَرَّح بهذا المنطوق بقوله: (وَحَقُّ مَجْبُورٍ بِهَذِي) يعني: في .. الباء هنا بمعنى: في، و (هَذِي) اسم الإشارة هنا يعود إلى المواضع الثلاثة، أي: فيها.