للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذاً عند طَيِّءٍ يستعملون (ذو) موضع (الذي) للمفرد المذكَّر، ويستعملون (ذات) بالبناء على الضم المشهور عندهم موضع (التي) للمفردة المؤنثة، وَمَوْضِعَ اللاتِي الذي هو جمع المؤنث السالم يستعملون بدلها (ذواتُ) بالضم كذلك.

ثم قال: رحمه الله:

وَمِثْلُ مَاذَا بَعْدَ مَا اسْتِفْهَامِ ... أَوْ مَنْ إِذَا لَمْ تُلْغَ فِي الْكَلاَمِ

هذا العنوان الخامس {من، وما، وأل، وذو}، أربعة، هذا الخامس وهو (ذا) الإشارية.

ذَا: بِذَا لِمُفْرَدٍ مُذَكَّرٍ أشِرْ هذا الأصل فيها، الأصل في (ذا) أنها اسم إشارة لمفرد، كما سبق معنا: بِذَا لِمُفْرَدٍ مُذَكَّرٍ أشِرْ، أصل (ذا) الموصولة هي المشار بها جردت من معنى الإشارة، جرد هذا اللفظ من معنى الإشارة، واستعمل اسماً بالشرطين اللذين ذكرهما الناظم، وهما أنه لا بد من أن تقع بعد (ما) أو (من) الاستفهاميتين، تسبقها (من) أو (ما)، (ما) متفق عليه، و (من) على الصحيح، ثم يشترط الشرط الثاني: ألا تكون ملغاة، فإن ألغيت حينئذٍ رجعت إلى أصلها.

وَمِثْلُ مَا: الموصولة فيما تقدم، في كونها تكون بلفظ واحد للمفرد المذكر والمفردة المؤنثة والمثنى بنوعيه والجمع بنوعيه، لفظ واحد يطلق ويستعمل فيما ذكرناه سابقاً.

وَمِثْلُ مَاذَا: أين المبتدأ وأين الخبر؟ (ذا) مثل (ما) -هذا الأصل- (ذا) قصد لفظه، (مِثْلُ مَا) نقول هذا خبر مقدم.

وَمِثْلُ مَاذَا بَعْدَ مَا اسْتِفْهَامِ: (بعد) في موضع الحال من (ذا)، حالة كونه بعد مَا اسْتِفْهَامِ يعني: من إطلاق الدال على المدلول ما استفهام مضاف ومضاف إليه.

حينئذٍ يشترط في (ذا) التي تكون موصولية أن تقع بعد (ما) الاستفهامية فيقال: ماذا صنعت، وقعت بعد (ما)، صنعتَ هذا ليس مفرداً حتى يقال: بأن (ذا) اسم إشارة، وهذا محل وفاق عند البصريين.

أو بعد (من) -على الأصح- أو (من) يعني: أو بعد (من) الاستفهامية على الأصح، فتقول: من ذا عندك، من الذي عندك؟ ماذا صنعت؟ ما الذي صنعته؟

حينئذٍ استعملت (ذا) موضع (ما) ما الذي صنعت؟ ما الذي صنعتما؟ ما الذي صنعتم؟ ما الذي صنعتن؟ كلها استعملت باختلاف المراجع والمرجع واحد وهو ذا.

إذَا لَمْ تُلْغَ فِي الْكَلاَمِ، إذَا لَمْ تُلْغَ (ذا) في الكلام، إذاً (ذا) تستعمل موصولة بشرطين اللذين ذكرهما المصنف، وهو أن تكون بعد (ما) الاستفهامية، أما (من) فهذه محل نزاع.

قال: أبو حيان: ولا خلاف في جعلها موصولة بعد (ما)، وأما بعد (من) فخالف قوم؛ لأن من تخص من يعقل، فليس فيها إبهام كما في (ما)، يعني (ما) هذه مبهمة؛ لأنها في الأصل لغير العاقل ففيها إبهام، وأما (من) فالأصل أنها للعاقل فليس فيها إبهام.

وإنما صارت بالرد للاستفهام في غاية الإبهام فأخرجت (ذا) من التخصيص إلى الإبهام وجذبتها إلى معناها ولا كذلك من لتخصيصها.

يعني استطاعت (ذا) أن تخرج (ما) لكونها مبهمة أخرجتها عن دلالتها للاستفهام إلى دلالتها على الموصولية، وليس كذلك الشأن في (من) الاستفهامية، لم تستطع (ذا) أن تجذبها إلى معنى الموصولية، لكن الجمهور على أن (من) مثل (ما) الاستفهامية، حينئذٍ إذا وقعت بعدها (ذا) فهي اسم موصول.