للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أين الرابط؟ الرابط (أل) هذه للعموم -تفيد العموم-، وزيد فرد من أفراد العموم، زيد نِعم الرجل، الرجل (أل) هذه للعموم، وزيد فرد من أفراد الرجال، حينئذ دخل وحصل الربط بينهما، زيد فرد من أفراد مدخول (أل) نعم الرجل، وقيل (أل) عهدية، والمراد خصوص زيد ويكون من باب إعادة المبتدأ بمعناه، وإذا قيل: زيد نعم الرجل، الرجل (أل) هذه للعهد، حينئذ ليس عندنا عموم فيكون الربط هنا من باب إعادة المبتدأ بمعناه؛ لأن المبتدأ قد يكون الرابط بينه وبين جملة الخبر إعادته بلفظه كـ ((الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ (٢))) وقد يكون بالمعنى، ومنه المثال الذي ذكرناه، فزيد هو الرجل أعدته مرة أخرى بالمعنى، زيد جاءني أبو عبد الله، وأبو عبد الله هو كنيته، (زيد) مبتدأ وجاءني أبو عبد الله الجملة في محل رفع خبر المبتدأ أين الرابط؟ إعادة المبتدأ بمعناه، فأبو عبد الله هو كنية زيد، فحينئذ حصل الربط أو لا؟ حصل الربط، والمراد بالربط: كل ما يؤدي إلى أن يكون المبتدأ في ضمن الجملة بأي وسيلة، فحينئذ حصل الربط بالمعنى، هذه يتعلق بالجملة إن كانت مغايرة للمبتدأ، فإن كانت هي في المعنى فحينئذ لا نحتاج إلى رابط، ولكن هذا قليل في أفراد يعني معدودة، وإلا الأصل أن تكون جملة الخبر مغايرة هذا الأصل، لماذا؟ لأننا جئنا بجملة الخبر من أجل أن تكون حكماً ومحكوماً بها، والمبتدأ محكوم عليه، فإذا كان هو عينه في المعنى لم نحتج إلى جملة.

وَإِنْ تَكُنْ إِيَاهُ مَعْنًى اكْتَفَى ... بِهاَ كَنُطْقِى اللهُ حَسْبِي وَكَفَى

(وإن تكن) الضمير يعود إلى الجملة التي تقع خبر، إن تكن الجملة التي وقعت خبراً عن المبتدأ (إِيَاهُ مَعْنًى) (إِيَاهُ) ما إعرابه؟ خبر.

(إن تكن إياه) تكن الجملة اسم (تكن) ضمير مستتر، و (إياه) نقول: هذا خبر تكن، ومصدقه المبتدأ، إن كانت الجملة هي عين المبتدأ (إِيَاهُ مَعْنًى) تمييز من جهة المعنى (اكْتَفَى

بِهاَ) بالجملة دون أن نشترط أن تكون حَاوِيَةً مَعْنَى الَّذِي سِيقَتْ لَهْ، يعني: لا يشترط لها رابط.

(كَنُطْقِى: اللهُ حَسْبِي وَكَفَى)، (نطقي) مبتدأ، و (الله) مبتدأ ثاني، و (حسبي) خبر الثاني، والجملة: خبر مبتدأ الأول، أين الرابط؟ لا رابط، ليس فيه رابط.

(نُطْقِى) أي: منطوقي الذي تلفظت به (اللهُ حَسْبِي).

(أخبرت عن كون منطوقي) هو هذا اللفظ.

إذاً: المنطوق الذي نطقت به هو اللهُ حَسْبِي لا فرق بينهما، هي في المعنى نفسها، (كَنُطْقِى) أي: المنطوق به، (اللهُ حَسْبِي) فهي نفسها، هي عينها بالمعنى.

(وكفى) لأنها في الحقيقة تفسير للمبتدئ مرتبطة به ارتباط التفسيرية بالمُفَسَّر، حينئذ لا نحتاج إلى رابط، ولذلك قال هنا: وإن كانت الجملة الواقعة خبراً هي المبتدأ في المعنى لم تحتج إلى رابط، وهذا معنى قوله: وَإِنْ تَكُنْ إلى آخره.