للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هنا قال: والمُفْرَدُ الجَامِدُ، عرفنا حد المُفْرَدُ الجَامِدُ فَارِغٌ، حكم عليه بأنه فارغ، المُفْرَدُ مبتدأ والجَامِدُ صفته وفَارِغٌ هذا خبر المبتدئ، حينئذٍ حكم الناظم هنا بأن المفرد فارغ، المُفْرَدُ الجَامِدُ فَارِغٌ .. من ماذا؟ من الضمير، فلا يتحمل ضميراً، زيد أخوك، أخوك هذا قلنا جامد، هل فيه ضمير يعود إلى المبتدئ؟ ليس فيه ضمير؛ لأنه جامد، ليس الشأن في المفرد كالشأن في الجملة الاسمية أو الفعلية، الجملة الفعلية والاسمية لابد أن تكون مشتملة على رابط يربطها بالمبتدأ، وأما المفرد فلا لكن قد يكون متحملاً للضمير وقد لا يكون، فلا يشترط في المفرد الذي لا يتحمل أن يكون متحملاً لضمير من أجل أن يعود على المبتدأ إذ ذاك الشرط في الجملة فقط، وأما في المفرد فلا يشترط، ولو قيل: بأنه في المشتق أو الجامد الذي يؤول بالمشتق أنه يتحمل للضمير، وأما الجامد المحض الخالص فهذا الصحيح من مذهب البصريين خلافاً للكوفيين أنه فارغ من الضمير فليس فيه ضمير، حينئذٍ لا يصح أن يقال على مذهب البصريين لغة: زيد أخوك هو؛ لأننا إذا قلنا يتحمل للضمير حينئذٍ جاز إبرازه فيقال: زيد أخوك هو، نقول: هذا فاسد، لماذا؟ لأن (هو) هذا إبراز للضمير المستتر في أخوك على القول به، ونحن نقول: لا يتحمل الضمير بل هو فارغ جامد خالص ليس فيه ضمير يعود على المبتدأ، حينئذٍ قوله: زيد أخوك هو، نقول: هذا ليس بسديد.

والمُفْرَدُ الجَامِدُ فَارِغٌ، أي: لا يتحمل ضميراً، هذا المراد بكونه فارغاً -لا يتحمل ضميراً- نحو: زيد أخوك، فلا يقال: زيد أخوك هو، هذا باطل.

وزعم الكسائي أنه يتحمله، أنه يتحمل الضمير الجامد الخالص، زيد أخوك هو فصار هو هذا تأكيد للضمير في أخوك، ونسب إلى الكوفيين، يعني: كون الجامد الخالص متحملاً للضمير منسوب لمذهب الكوفيين.

قال ابن مالك: وهي دعوى لا دليل عليها، القول بأن الجامد الخالص يتحمل ضميراً دعوى لا دليل عليها وإنما هو مجرد اجتهاد نظري.

قال أبو حيان: وقد رد بأنه لو تحمل ضميراً لجاز العطف عليه مؤكداً، فيقال: هذا أخوك هو وزيد، لو كان متحملاً لضمير فأبرز قيل: زيد أخوك هو، أو: هذا أخوك هو وزيد، صح العطف عليه وتأكيده كذلك، فيقال: هذا أخوك هو وزيد، كما تقول: زيد هو قائم هو وعمرو، زيد قائم، قائم هذا مشتق ويتحمل للضمير، حينئذٍ يجوز أن يقال: زيد قائم هو وعمرو، عَطَفْتَ عليه، وأما زيد أخوك هو هذا لا يصح أن يعطف عليه، لماذا؟ لأن الضمير في أصله ليس بثابت لغة، حينئذٍ لا يصح العطف عليه ولا تأكيده، بخلاف المشتق فإنه يتحمله إن لم يرفع ظاهراً نحو: زيد قائم، ولذلك قال الناظم:

وَإِنْ يُشْتَقَّ فَهْوَ ذُو ضَمِيرٍ مُسْتَكِنْ.

وَإِنْ يُشْتَقَّ، أي: المفرد، إن كان المفرد مشتقاً وهذا يشمل نوعين: مشتقاً أصالةً، ومشتقاً عَرَضَاً وطُرُوَّاً.

المشتق أصالة: هو ما دل على متصف مصوغاً من مصدر، بأن يجري مجرى الفعل فيرفع وينصب.