قالوا: لما كان الضمير لا يبرز تثنية وجمعا ألغي في المفرد، يعني: لا تجعل له أحكام، تقول: الزيدان قائمان، هناك زيد قام ضمير مستتر ولا شك، إذا قلت: الزيدان قاما برز الضمير، قاما الألف هذه ألف تثنية وهي فاعل، إذاً الضمير له وجود أم لا؟ له وجود، بدليل أنه برز في التثنية، إذاً له قوة حين كان مفرداً، الزيدون قاموا برز صار جمعاً، إذاً له قوة، لكن إذا قلت: زيد قائم، هذا كزيد قام، لكن إذا ثنيت وقلت: الزيدان قائمان الألف هذه ألف تثنية، لم يبرز، الزيدون قائمون الواو هذه ليست فاعلة بل هي علامة جمع، وقائما علامة تثنية، إذاً لما لم يبرز تثنية وجمعاً حينئذٍ لم يجعل له وجود من حيث التركيب حيث كان مفرداً، ولذلك يعترض والاعتراض الصحيح، يعترض على من مثَّل في باب الكلام بأن الكلام يتركب من اسمين كزيد قائم، فيقال: هذا خطأ بل هو مركب من ثلاث، هذا غلط، بل الصواب أنه مركب من كلمتين؛ لأن هذا الضمير وإن كان موجوداً إلا أنه ملغي من حيث الاعتبار، هو من حيث المعنى لابد من تقديره وأما من حيث الاعتبار –الإعراب- فهو ملغي بدليل التثنية والجمع، فليس الشأن فيه كالشأن في الفعل الماضي الذي أسند إلى مبتدأ زيد قام هو، الزيدان قاما برز الضمير، الزيدون قاموا برز الضمير، إذاً فرق بين هذا وذاك، إذاً زيد قائم، لو قال قائم هذا من الإخبار بالجملة وليس من الإخبار بالمفرد؛ لأنه رفع فاعلاً، فالضمير فاعل، نقول: لا، بل هو من قبيل المفرد، وهذا الضمير غير معتبر من حيث التركيب بدليل ماذا؟ الزيدان قاما، الزيدون قاموا، فالألف في التثنية والواو في الجمع علامتا تثنية وجمع وليست بفاعل لا في التثنية ولا في الجمع، بخلاف زيد قام والزيدان قاما والزيدون قاموا، ففرق بينهما.
بخلاف ما إذا رفعه لفظاً أو محلاً، الزيدان قائم أبوهما، حينئذٍ نقول: زيد قائم فيه ضمير مستتر، لكن يشترط فيه أن لا يرفع ظاهراً، فإن رفع ظاهراً حينئذٍ صار المرفوع هو الفاعل؛ لأن اللفظ الواحد لا يكون له فاعلان، فإذا قيل: زيد قائم أبوه، أبوه هذا فاعل والضمير الذي في أبوه هو الذي كان مستكناً، حينئذٍ زيد قائم أبوه، لا نقول: قائم هذا فيه ضمير مستكن، لماذا؟ لأن الذي ظهر هو الفاعل، فلو قلنا بأن الظاهر هو الفاعل وفيه ضمير مستكن حينئذٍ صار لاسم الفاعل فاعلان وهذا باطل، بل هو فاعل واحد لا يتعدد -الفاعل لا يتعدد ليس كالخبر- هذا في الأصل -في الاصطلاح عندهم- حينئذٍ زيد قائم أبوه، نقول: أبوه هذا فاعل، وقائم ليس فيه ضمير مستكن.
أو محلاً، زيد ممرور به، ممرور هذا اسم مفعول، والأصل فيه أنه يرفع نائب فاعل، وبه الضمير البارز هو الذي كان مستكناً، حينئذٍ جر محلاً لا لفظاً، إن خلا عن كونه يرفع ظاهراً لفظاً أو محلاً حينئذٍ نقول: هو رافع لضمير مستتر، إذاً المشتق هو ما دل على متصف مصوغاً من مصدر، هذا يستكن فيه ضمير بشرط أن لا يرفع ظاهراً لفظاً أو محلاً، فإن رفع ظاهراً فحينئذٍ ليس فيه ضميراً مستكناً، لماذا؟ لأننا لو أثبتنا الضمير المستكن مع تسلطه على الظاهر لأثبتنا له فاعِلَين وهذا فاسد، فلزم أن نقول: أن الظاهر هو الفاعل، وقد خلا عن الضمير المستكن.