للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأما إذا لاقت متحركاً فلا يخلو إما أن يكون ذلك المتحرك ضميراً متصلاً أولا، يعني إذا كان بعدها -بعد النون- متحرك، قلنا الساكن لا تحذف، إذاً يكون بعدها متحرك، هذا المتحرك إما أن يكون ضميراً أو لا، إن كان ضميراً فلا يجوز إن يكن هو، لا يجوز الحذف؛ لأنه يصير متصلاً بكان، وإن لم يكن ضميراً حينئذٍ جاءت المسألة.

فإن كان ضميراً متصلاً لم تحذف النون اتفاقاً، قالوا: لأن الضمير يرد الشيء إلى أصله، إذا حذفت رده الضمير .. تحذف يرده الضمير يبقى الدور فيها.

كقوله صلى الله عليه وسلم: {إنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلّط عَليْه وَإنْ لاَ يَكُنْهُ فَلاَ خَيْرَ لَكَ في قَتْلِهِ} فلا يجوز حذف النون فلا تقل: إنْ يَكُهُ وَإنْ لاَ يَكُ، وإن كان غير ضمير متصل جاز الحذف والإثبات نحو: لم يكن زيد لم يك زيد، لم أك بغياً، لم أكن بغياً.

وظاهر كلام المصنف أنه لا فرق في ذلك بين كان الناقصة والتامة، وقد قرء ((وَإِنْ تَكُ حَسَنَةٌ يُضَاعِفْهَا)) [النساء:٤٠] برفع حَسَنَةٌ وحذف النون وهذه هي التامة.

مسائل: الأولى في تعدد الخبر، في كان الخلاف في تعدد الخبر المبتدأ.

هل يجوز أن يتعدد خبر كان؟

قلنا هذا الباب مفرع على الباب السابق، هذا هو الأصل، فما جاز هناك جاز هنا إلا لمانع، وما امتنع هناك امتنع هنا إلا لمانع؛ لأن كان هذه داخلة على جنس المبتدأ والخبر، حينئذٍ كلما ثبت للمبتدأ والخبر قبل دخول الناسخ فهو مستصحب، الأصل بقاء ما كان على ما كان، حتى يدل دليل على انتفاء ما قد ثبت قبل دخول كان، هذا هو الأصل.

فحينئذٍ تعدُّدُ الخبر هل يجوز أم لا؟

وَأَخْبَرُوا بِاثْنَيْنِ أَوْ بِأَكْثَرَا ... عَنْ وَاحِدٍ كَهُمْ سَرَاةٌ شُعَرَا

الأصل –القياس- جواز تعدد خبر كان، لكن خالف بعض النحاة هنا ممن جوز هناك منع هنا، في تعدد الخبر في كان الخلاف في تعدد خبر المبتدأ، والمنع هنا أولى؛ لقيام المانع المقتضي على المانع من جواز تعدد الخبر، والمنع هنا أولى ووجهه أن هذه الأفعال قلنا الأصل فيها عدم العمل، هذا القياس، لكنها شُبّهت بما تعدى إلى اسمين ضرب، الأول فاعل والثاني مفعول به، إذاً أُعملت هذه الأفعال على خلاف الأصل، الأصل أنها أفعال غير صحيحة، غير تامة، وحينئذٍ الأصل فيها عدم العمل، لماذا أُعمِلت؟ حملاً لها على ضرب مُشَبَّهٌ به، هذا القياس، وهذا المُشَبَّهٌ به وجدناه يعمل في اسمين فقط ولا يتعدى إلى الثالث، حينئذٍ صار الأصل هنا ألا تعمل كان إلا في اسمين؛ لأنها ما أعملت إلا حملاً على ضرب ونحوه.