للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مَعَ بَقَا النَّفْي: هذا الشرط الثاني، نفي الخبر فلا يضر انتقاض نفي معمول خبرها، لو قال قائل: ما زيد ضارباً إلا عمراً، ما الذي انتقض هنا؟ انتقض معمول الخبر لا الخبر، وهذا لا يضر، يعني لا يقال: بأن إلا هنا دخلت على معمول الخبر وحينئذٍ انتقض! نقول: لا، الشرط هنا انتقاض الخبر نفسه، لو قال: ما زيد إلا ضارباً عمراً، قلنا انتقض، يجب إلا ضارب، لا إذا رجح الاستثناء أو نحو ذلك، وأما كونه منصوباً على أنه خبر (ما) فممنوع.

وَسَبْقَ حَرْفِ جَرٍّ أَوْ ظَرْفٍ كَمَا ... بِي أَنْتَ مَعْنِيَّاً أَجَازَ العُلَمَا

المراد أنه يجوز تقديم معمول خبر (ما) على اسمها إذا كان ظرفاً أو جاراً ومجروراً، فإن كان غير ظرف أو مجرور بطل عملها ما طعامك زيد آكل، كما مر معنا.

ابن عقيل زاد شرطين على ما ذكره الناظم، وهما يردان إلى الشرط الأول والثاني، يعني ليست بشروط مستقلة.

قال: الشرط الخامس: ألا تتكرر (ما) فإن تكررت بطل عملها، إذاً هذا انتقض النفي، ألا يبدل من خبرها موجب، حينئذٍ انتقض النفي، لماذا؟ لأن (ما) لا تعمل إلا في اسم منفي وخبر منفي، وهذا داخل في ما سبق.

ثم قال رحمه الله تعالى:

وَرَفْعَ مَعْطُوفٍ بِلكِنْ أَوْ بِبَلْ ... مِنْ بَعْدِ مَنْصوُبٍ بِمَا الْزَمْ حَيْثُ حَلّ

إذا نصبت (ما) الحجازية، حينئذٍ إذا عطف على منصوبها وهو الخبر ببل ولكن، قال: يجب الرفع، مثل أن تقول: ما زيد قائماً بل قاعد، هل يصح أن نقول: بل قاعداً عطفاً على قائماً؟ لا يصح؛ لأنها للإيجاب، فحينئذٍ ما بعد بل منفي أو مثبت؟ مثبت، فإذا جعلته متصلاً بما قبله نقضت النفي، وحينئذٍ يتعين أن يرفع ما بعد بل، ويجعل خبراً لمبتدئٍ محذوف، ما زيد قائماً، بل عمرو، عمرو هذا خبر مبتدئٍ محذوف، كذلك بـ: لكن، ما عمرو شجاعاً لكن كريم .. لكن هو كريم، حينئذٍ تجعله خبر مبتدئٍ محذوف.

وَرَفْعَ مَعْطُوفٍ بِلكِنْ أوْ بِبَلْ ... مِنْ بَعْدِ مَنْصوُبٍ بِـ (مَا) الحجازية، الْزَمْ رفع معطوف، (الْزَمْ) هذا الأصل- رَفْعَ مَعْطُوفٍ - هذا مفعول به مقدم لـ: الْزَمْ، وهو مصدر مضاف إلى مفعوله، والفاعل محذوف والتقدير: الزم رفعك معطوفاً .. الزم رفعك- أنت الذي ترفع معطوفاً- بـ: بل إلى آخره.

وقوله: وَرَفْعَ مَعْطُوفٍ: سماه معطوفاً مجاز؛ إذ ليس معطوفاً هو، وإنما هو خبر مبتدأ محذوف، وبل ولكن حرفا ابتداء، فحينئذٍ إذا قلت: وَرَفْعَ مَعْطُوفٍ بِلكِنْ، هذه للاستدراك وهي تفيد إثبات الحكم، أو نفي الحكم السابق إثباته لما بعدها، وكذلك بل المراد ببل هنا ليس الانتقالية وإنما الإضرابية.

مِنْ بَعْدِ مَنْصوُبٍ: يعني من بعد خبر منصوب، بما الحجازية الْزَمْ حَيْثُ حَلْ ونزل، وإنما وجب الرفع لكونه خبر مبتدئٍ مقدر، ولا يجوز نصبه عطفاً على خبر (ما) لأنه موجب، وهي لا تعمل في الموجب.