للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تَعَزّ فَلاَ شَئٌ عَلَى الأَرْضِ بَاقِياً: (بَاقِياً) هذا خبر لا، وعَلَى الأَرْضِ جار ومجرور متعلق بباقياً.

وَلا وَزَرٌ: (لا) نافية، تعمل عمل ليس، وَزَرٌ اسمها.

مِمَّا قَضَى اللهُ: من الذي قضى الله، متعلق بقوله: وَاقِياً، وواقياً هو الخبر -هذا الشرط الأول-.

وزعم بعضهم أنها قد تعمل في المعرفة بناء على ما ذكر عن النابغة:

وحَلَّتْ سَوادَ القَلبِ لاَ أَنَا بَاغِياً ... سِواهَا، وَلاَ عَنْ حُبِّهَا مُتَرَاخِيَاً

لا أَنَا: هذا معرفة، ودخلت عليه (لا) وأعملت بدليل ماذا؟ باغياً، هذا خبر فدل على إعمالها، وتردد الناظم في هذا البيت فأجاز في التسهيل القياس عليه، وتأوله في شرح الكافية، فقال: يمكن عندي أن يجعل أنا مرفوع فعل مضمر ناصب باغياً على الحال تقديره لا أرى باغياً، وهذا أولى أن يقدم لما ذكرناه.

الشرط الثاني: ألا يتقدم خبرها على اسمها: لا قائماً رجل - وَتَرْتيبٍ زُكِنْ -.

الشرط الثالث: ألا ينتقض النفي بـ: إلا: لا رجل إلا أفضل من زيد بنصب أفضل بل يجب رفعه، ولم يتعرض المصنف لهذين الشرطين.

بل الصواب أنه تعرض؛ لأنه ذكر الحكم أولاً.

وزِيد عليه شرط رابع: ألا يتقدم معمول خبرها على اسمها، وهو غير ظرف ولا جار ومجرور، وهذا يمكن أن نأخذه من قوله:

وَسَبْقَ حَرْفِ جَرٍّ أَوْ ظَرْفٍ كَمَا ... بِي أَنْتَ مَعْنِيَّاً أَجَازَ الْعُلَمَا

الخامس: ألا تكون نصاً في نفي الجنس.

ثم قال: وَقَدْ تَلِي لاَتَ وَإِنْ ذَا الْعَمَلاَ.

: وَقَدْ تَلِي تَلِي من ولي الشيء يليه ولاية إذا تولاه، وَقَدْ تَلِي لاَتَ، لات هنا فاعل قصد لفظه، وإن معطوف عليه، (ذَا) اسم إشارة مفعول به، تَلِي لاَتَ ذَا الْعَمَلاَ، العمل المذكور السابق وهو عمل ليس، وَقَدْ تَلِي لاَتَ ذَا الْعَمَلاَ، (ذَا) اسم إشارة في محل نصب مفعول به لتلي، ولاَتَ هذه فاعل، والْعَمَل هذا بدل أو عطف بيان.

أما لاَتَ فأثبت سيبويه عملها، ومنعه الأخفش.

وأما إِنْ فأجاز إعمالها الكسائي وأكثر الكوفيين، ومنعه جمهور البصريين، والصحيح الإعمال فقد سمع نثراً ونظماً.

الصحيح في هذه المسائل الأربعة الإعمال؛ لأنه سمع نثراً وشعراً، حينئذٍ يبقى على ما سمع عليه، القليل قليل، والكثير كثير، ونبقى على أصول.

وأما إِنْ النافية فمذهب أكثر البصريين والفراء أنها لا تعمل شيئاً، -الصحيح أنها تعمل وأن إعمالها نادر-، ومذهب الكوفيين أنها تعمل عمل ليس وقال به من البصريين أبو العباس المبرد وأبو بكر بن السراج وأبو علي الفارسي وأبو الفتح بن جني، وزعم أن في كلام سيبويه إشارة إلى ذلك وقد ورد السماع به

إِنْ هُوَ مُسْتَوْلِياً عَلَى أَحَدٍ ... إِلاَّ عَلَى أَضْعَفِ الْمَجَانِينِ

وسمع: (إنْ أَحَدٌ خَيْراً مِنْ أَحَدٍ إلا بِالْعَافَيَةِ)، إن أحد خيراً من أحد يعني: ما أحد خيراً من أحد، فنصب خيراً دل على أن إن هذه معملة.

إِنْ هُوَ مُسْتَوْلِياً: إن حرف نفي، يعمل عمل ليس، هو اسمها، مستولياً: هنا جاء معرفة لا يشترط فيها أن يكون نكرة، وإنما النكرة تشترط في (لا)، وأما (ما) لا يشترط فيها، وكذلك (إن).