للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أما المقرون بها فزعم الكوفيون أنه بدل من الأول بدل المصدر. عسى زيد أن يقوم، أن يقوم هذا (أن) وما دخلت عليه في تأويل مصدر وهو القيام، قالوا: القيامُ بالرفع ليس بالنصب، بدل من الأول الذي هو زيد، لأن المعنى: عسى قيام زيد، وحينئذٍ صار بدلاً، وبدل المرفوع مرفوع. مرجوح القول هذا.

إلى أنه بدل من الأول بدل المصدر، فالمعنى في كاد أو عسى زيد أن يقوم، إذا كان كاد قرب قيام زيد، قرب هذا كاد قيام زيد، لماذا قلنا قيام زيد؟ قالوا: لأن أن يقوم هذا في محل رفع، لأنه مصدر وهو مرفوع، والمراد به أنه بدل مما قبله وهو زيد، كيف نفسر المعنى؟ نقدم الخبر على الاسم ونضيفه إليه، فنقول: قرب قيام زيد، فقُدِّم الاسم وأُخِّرَ المصدر.

وزعم المبرد أنه مفعول به؛ لأنها في معنى: قارب زيد هذا الفعل، فهو مفعول به. إذاً ليس بخبر لكان، مثل الخلاف في كان، كان زيد قائماً، قلنا: قائماً هذا خبر عند البصريين، وأما عند الكوفيين فهو حال، وعند الفراء شبيه بالحال، إذاً: الخلاف نفسه موجود هنا، لكن قيل: أنه بدل، وهو مذهب الكوفيين، قدم الاسم على الخبر، حينئذٍ قيل: قرب قيام زيد، وقيل: أنه مفعول به، وهذا مذهب المبرد.

لأنها في معنى: قارب زيد هذا الفعل، إذاً صار في المعنى وقع عليه شيء وهو القرب وقع عليه، ففيه معنى المفعولية، ولذلك نصبه على أنه مفعول به.

وحذراً من الإخبار بالمصدر عن الجثة، وهذا سيأتينا الجواب عنه، لأنك إذا قلت: عسى زيد أن يقوم فيه محذور، وهو أن زيد مبتدأ في الأصل، وأن يقوم خبر في الأصل، وحينئذٍ التقدير: زيد قيامٌ، أخبرت بالمعنى عن اسم الذات، وهذا لا معنى له، وحينئذٍ لا بد من التأويل، إما أن يقال: ثم مضاف من الاسم بحيث يقربه إلى اسم المعنى فحينئذٍ يكون أخبر باسم المعنى عن اسم المعنى، وإما أن يكون ثمَّ مضاف في قيام جثة وحينئذٍ أخبر بالجثة عن الجثة، إما بهذا وإما بهذا، يأتينا إن شاء الله.

وحذراً من الإخبار بالمصدر عن الجثة، ورد بأن (أن) هنا لا تؤول بمصدر، هكذا قال السيوطي لكن قوله ضعيف، رد قوله: بأن (أن) هنا لا تؤول بمصدر، والصواب أنها تؤول بمصدر، وإنما جيء بها لتدل على أن في الفعل تراخياً، وقيل: أن موضعه نصب بإسقاط حرف الجر؛ لأنه يسقط كثيراً مع (أن). عسى زيد بأن يقوم، نقول: هذا ضعيف أيضاً.

وعند ابن مالك أن موضعه رفع، و (أن) والفعل بدل من المرفوع سد مسد الجزأين، وهذا سيأتي في عسى التامة هناك.

كَكَانَ كَادَ وَعَسَى لَكِنْ نَدَرْ ... غَيْرُ مُضَارِعٍ لِهَذَيْنِ خَبَرْ

إذاً: انفردت هذه الأفعال بالتزام كون خبرها مضارعاً. انفردت هذه الأفعال عن باب كان وإن كانت في الأصل ملحقة بها، نقول: انفردت بالتزام كون خبرها فعلاً مضارعاً، ثم هو على ثلاثة أقسام في الجملة: