للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: لم يذكر سيبويه في كربا إلا تجرد خبرها من (أن)، وزعم المصنف أن الأصح خلافه. -زعم- وهو أنها مثل كاد، فيكون الكثير فيها تجريد خبرها من (أن)، ويقل اقترانه بها، فمن تجريده:

كَرَبَ الْقَلْبُ مِنْ جَواهُ يَذوبُ ... حينَ قَالَ الْوُشاةُ هِنْدٌ غَضُوبُ

يَذوبُ: هذا خبر كرب، ولم يتصل بـ (أن)، وهكذا حكاه سيبويه. وسمع من اقترانه بها:

سَقاها ذَوُو الأَحلامِ سَجْلاً على الظَّما ... وقَدْ كَرَبت أَعناقُها أَنْ تَقَطَّعَا

أَنْ تَقَطَّعا، (أن) دخلت على خبر كربا، إذاً لماذا يقول: زعم المصنف؟ ما دام أنه ثابت يبقى على الأصل.

إذاً: وَمِثْلُ كَادَ فِي الأَصَحِّ كَرَبَا

قال: والمشهور في كربا فتح الراء ونقل كسرها أيضاً.

وَمِثْلُ كَادَ فِي الأصَحِّ كَرَبَا

إذاً: كَرَبَا مثل كاد في المعنى والعمل وفي دخول (أن) عليها؛ لأن الأكثر هناك في باب كاد تجرد الخبر من (أن)، ويقل دخول (أن) على خبر كاد، مثلها كربا.

وَتَرْكُ أَنْ مَعْ ذِيْ الشُّرُوعِ وَجَبَا

تَرْكُ أَنْ وَجَبَا.

وَتَرْكُ: مبتدأ.

وَجَبَا: الألف للإطلاق.

تَرْكُ أنْ: يعني: ترك إدخال واتصال (أن) مَعْ ذِيْ، مع ما دل على الشروع في الفعل، يعني أفعال الشروع وَجَبَا، فهو واجب لما بينهما من المنافاة؛ لأن أفعال الشروع للحال و (أن) للاستقبال.

كَأَنْشَأَ السَّائِقُ يَحْدُو وَطَفِقْ ... كَذَا جَعَلْتُ وَأَخَذْتُ وَعَلِقْ

مثَّل لأفعال الشروع، ما هي؟ قال:

كَأَنْشَأَ: الكاف تدل على التمثيل لا على الاستيعاب، لأنه زاد هو نفسه في غير هذا الكتاب: هب وقام، فدل على أن الكاف هنا للتمثيل وليست للاستقصاء.

كَأَنْشَأَ: يعني كقولك: أَنْشَأَ السَّائِقُ يَحْدُو، أنشأ السَّائِقُ الذي يسوق الإبل يَحْدُو يغني للإبل ينشد. حينئذٍ نقول: يَحْدُو: هذا فعل مضارع وقع خبراً لفعل الشروع أنشأ، هل يجوز اتصال (أن) به؟ نقول: لا. لماذا؟ لأن أنشأ تدل على أنه بدأ وشرع، و (أن) تدل على الاستقبال، حينئذٍ تنافيا فامتنع دخول (أن) على خبر أنشأ.

وَطَفِقْ: طفق زيد يعدو، طفِق بكسر الفاء، وفتحها طفَق، وهو من باب ضرب يضرب وعلم يعلم، يجوز فيه الوجهان، حكاه الجوهري وغيرهم.

طفِق يطفَق، علِم يعلَم، وطفَق يطفِق ضرَب يضرِب فيه وجهان. وكذلك طبق بالباء بكسرها، لغة فيها طفق بالفاء أو بالباء، فاء باء متجاوران.

طفق زيد يعدو، يعني: بدأ شرع نفسه .. طفق لا يلتبس هي مثل أنشأ ومثل شرع.

كَذَا جَعَلْتُ: أتكلم، وَأَخَذْتُ: أقرأ، وَعَلِقَ: زيد يسمع. فهذه الأفعال كلها نقول للشروع، يجب ترك (أن) مع أخبارها، فلا يجوز اتصالها بها لما بينهما من المنافاة.

إذاً: وَتَرْكُ (أَنْ): تَرْكُ هذا مبتدأ وهو مضاف و (أن) مضاف إليه قصد لفظه.

مَعْ ذِي الشُّرُوعِ: مَعْ ذِي يعني: صاحب، المراد به الفعل أو ما دل على الشروع في الفعل، يعني: أفعال الشروع.

وَجَبَا: الألف هذه للإطلاق.

إذاً: تحصل عندنا من كلام المصنف أن خبر أفعال هذا الباب بالنسبة لاقترانه بـ (أن) وتجرده منها أربعة أقسام على التفصيل، هناك ذكرناها إجمالاً، وهنا أربعة أقسام على التفصيل.