للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَكَادَ: ((يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ)) [النور:٣٥] يَكَادُ: هذا فعل مضارع جاء في القرآن، وحينئذٍ هو كثير.

ولأَوْشَكَا: يُوشِكُ مَنْ فَرَّ مِنْ مَنِيَّتهِ.

وَزَادُوا مُوشِكَا: يعني زادوا العرب في الاستعمال لأَوْشَكَا -اسم فاعل-، فقالوا: موشكاً، أوشك يوشك فهو موشك.

ظاهر كلام الناظم هنا أن المضارع في هذه الأفعال مقصور على أوشك وكاد، يوشك ويكاد فقط، وأنه لم يسمع اسم الفاعل إلا لأوشك فقالوا: موشك. وقال ابن هشام في التوضيح: أربعة ألفاظ استعمل لها مضارع. أربعة ألفاظ في هذا التركيب هنا الباب استعمل لها مضارع: كاد، وعرفنا المثال: ((يَكَادُ زَيْتُهَا)) [النور:٣٥]. وَأَوْشَكَا، وعرفنا المثال: يُوشِكُ مَنْ فَرَّ مِنْ مَنِيَّتهِ. وَطَفِقْ، حكى الأخفش: طفَق يطفِق كضرَب يضرِب، وطفِق يطفَق كعلِم يعلَم. والرابع: جعل.

إذاً: طفَق يطفِق وطفِق يطفَق، سمع هذا وسمع ذاك بالوجهين.

وجعل، كذلك يجعل، حكى الكسائي: "إِنَّ البَعيرَ لَيَهْرَمُ حَتَّى يجْعَلَ إِذَا شَرِبَ الماءَ مَجَّه".

إن البعير ليهرم حتى يجعلُ –بالضم-، حتى يجعلُ، حتى هنا ابتدائية.

حَتَّى يجْعَلَ إِذَا شَرِبَ الماءَ مَجَّه، وحينئذٍ أربعة ألفاظ سمع لها سمع لها مضارع.

إذاً: وَاسْتَعْمَلُوا مُضَارِعاً لأَوْشَكَا ... وَكَادَ لاَ غَيْرُ

هذا فيه نظر، يزاد عليه: طفِق يطفَق ويطفِق، ويزاد عليه: جعل يجعل.

وأما قوله: وَزَادُوا مُوشِكَا فحسب دون غيره، قال ابن هشام: استعمل اسم فاعل لثلاثة. الذي حكي ما عليه عند النحاة ثلاثة: كاد وكرب وأوشك، أوشك عرفنا:

فَمُوشِكَةٌ أَرْضُنَا أَنْ تَعُودَ ... خِلاَ فَ الأَنِيسِ وَحُوشاً يَبَابَا

فَإِنَّكَ مُوشِكٌ أَلاَّ تَرَاهَا، نقول: فَإِنَّكَ مُوشِكٌ هذا اسم فاعل.

وأما كاد فقيل: ورد في الشعر:

أَمُوتُ أَسىً يَوْمَ الرَّجَامِ وَإنَّني ... يَقِينَاً لَرَهنٌ بِالَّذي أَنَا كَائِدُ

وَكَائِدَ هذا اسم فاعل من كاد يكيد فهو كائد. وكذلك سمع كرب:

أَبُنَيَّ إِنَّ أَبَاكَ كَارِبُ يَوْمِهِ ... فَإِذَا دُعِيْتَ إِلَى الْمَكَارِمِ فَاعْجَلِ

والصواب في هذين البيتين: أن كائد الصواب فيه كابد، كابد اسم فاعل من المكابدة، غير جار على فعله إذ القياس مكابد، فليس هو كائد، وإنما الرواية الصحيحة: كابد بالباء. إذاً لم يسمع لكاد اسم فاعل.

وكذلك قوله: أَبُنَيَّ إِنَّ أَبَاكَ كَارِبُ، نقول: الثاني هذا اسم فاعل من كرب التامة وليست الناقصة، نحو قولهم: "كَرَبَ الشتاءُ"، أي: قرب، كما جزم به الجوهري وغيره.

وحكى عبد القاهر الجرجاني المضارع واسم الفاعل من عسى، فقال: عسى يعسي عاسٍ، عاسٍ اسم فاعل.

وحكى أبو حيان الأمر وأفعل التفضيل من أوشك، وحكي اسم الفاعل من كرب كما ذكرناه، وحكى الجوهري مضارع طفِق، وكذلك الكسائي مضارع جعل. إذاً: سمعت كلمات لكنها ليست بالكثيرة.

وَاسْتَعْمَلُوا مُضَارِعاً لأَوْشَكَا ... وَكَادَ لاَ غَيْرُ وَزَادُوا مُوشِكَا

ثم قال رحمه الله:

بَعْدَ عَسَى اخْلَوْلَقَ أَوْشَكْ قَدْ يَرِدْ ... غِنىً بِأَنْ يَفْعَلَ عَنْ ثَانٍ فُقِدْ