للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال الشارح: اختصت عسى من بين سائر أفعال هذا الباب بأنها إذا تقدم عليها اسم جاز جعل الفعل مسنداً إلى (أن يفعل) وجعله مسنداً إلى ضمير السابق، و (أن يفعل) الخبر، فعلى الأول يُجرد الفعل من علامة التثنية والجمع والتأنيث وعلى الثاني يُلحق بها والتجرد أجودُ -لما ذكرناه سابقاً-. من بين سائر أفعال هذا الباب بأنها إذا تقدم عليها اسمٌ جاز أن يضمر فيها ضمير يعود على الاسم السابق وهذه لغة تميم، يعني إعمالها في الضمير لغة تميم، وجاز تجريدها عن الضمير وهذه لغة الحجاز وذكرنا أنها أفصح لوجودها أو ورود القرآن بها.

وذلك نحو: زيد عسى أن يقوم، زيد مبتدأ، عسى فعل، أن يقوم نقول هذا فاعل، فعلى لغة تميم يكون في عسى ضمير مستتر يعود على زيد، وأن يقوم في موضع نصب بعسى، وعلى لغة الحجاز لا ضمير في عسى، وأن يقوم في موضع رفع بعسى، تظهر الفائدة أين؟ إذا قلت: هند عست أن تقوم، إذا جردتها من الضمير، هند عسى أن تقوم، وإذا أعملتها في الضمير تقول: هند عست، لأنه يجب التأنيث هنا، أسند إلى ضمير يعود إلى مؤنث بقطع النظر عن كونه حقيقياً أو مجازياً -فهو واجب التأنيث-، والزيدان عَسَيَا أن يقوما، والزيدون عَسَوا أن يقوموا، والهندان عَسَتَا أن تقوما، والهندات عَسَيْن أن يقمن، هذا على لغة تميم وهي قوله: أوِ ارْفَعْ مُضْمَرَا بِهَا.

وأما على لغة الحجاز، فحينئذٍ تُجرد من الضمير، هند عسى أن تقوم، زيد عسى أن يقوم، الزيدان عسى أن يقوما، الزيدون عسى أن يقوموا إلى آخره، أما غير عسى فالناظم ظاهر كلامه أنه لا تعمل في ضمير البتة، وإنما يكون حكمها كحكم السابق.

وَالفَتْحَ وَالكَسْرَ أَجِزْ فِي السِّينِ مِنْ ... نَحْوِ عَسَيْتُ وَانْتِقَا الْفَتْحِ زُكِنْ

وَالفَتْحَ: هنا قدَّمه لماذا لاختياره له، وهو أولى.

وَالفَتْحَ وَالكَسْرَ أجِزْ: أجِزْ الفَتْحَ، الفَتْحَ هذا مفعول به مقدَّم، وأجز الفتح فِي السِّينِ نَحْوِ عَسَيْتُ، مِنْ جار ومجرور هذا حال من السين لأنه معرفة، والجار والمجرور إذا وقع بعد المعرفة أعربناه حال، فِي السِّينِ حالة كونه مِنْ نَحْوِ، يعني كما في نحو عَسَيْتُ عسى إذا اتصل بها ضمير، إما أن يكون ضمير رفع، وإما أن يكون ضمير نصب، إذا اتصل بها ضمير نصب هي التي وقع فيها النزاع: هل هي أخت إنَّ أم لا، وسيأتينا بحثها إن شاء الله.

وأما إذا اتصل بها ضمير رفع، حينئذٍ التاء والنون -نون الإناث- و (نا)، إذا اتصلت بها حينئذٍ نقول: جاز في سينها الوجهان، الفتح والكسر، عَسَيت وعَسِيت، عَسِينا وعَسَينا، يجوز فيه الوجهان، الفتح والكسر، هذا من باب الضبط فقط.