للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مَا كَرَضِيَا: الذي كرضي -أشبه رضي-، لا يلي اللام، فلا تقل: إن زيداً لقام، إن زيداً لرضي، لا يقال هذا، لماذا؟ لأن الناظم قال:

وَلاَ مِنَ الأَفْعَالِ مَا كَرَضِيَا

فما كان من جنس رضي -صيغته ونوعه- لا يجوز أن يلي اللام؛ لأنه فعل ماضي، وإن كان متصرفاً إلا أنه غير مسبوق بـ (قد).

وَلاَ مِنَ الأَفْعَالِ مَا كَرَضِيَا: وهو ماضٍ متصرف غير مقترن بـ (قد)، فلا يقال: إن زيداً لرضي، ((إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى)) [آل عمران:٣٣] اصْطَفَى مثل رضي.

وَلاَ مِنَ الأَفْعَالِ مَا كَرَضِيَا: يعني ولا يليها أيضاً.

مَا: اسم موصول بمعنى الذي.

كَرَضِيَا: الألف للإطلاق.

مِنَ الأَفْعَالِ: جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من ما التي تلتها.

وَلاَ مِنَ الأَفْعَالِ مَا كَرَضِيَا: أشار به إلى أنه إذا كان الخبر ماضياً متصرفاً غير مقرون بـ (قد) لم تدخل عليه اللام، فلا تقل: إن زيداً لرضي، وأجاز الكسائي وهشام ذلك، لكن على إضمار قد، أجازوا هذا على إضمار (قد) "لَقَدْ رَضِيَ"، كأنهم جعلوا المحذوف كالملفوظ به، وحينئذٍ: إذا لم يكن كرضيا؛ كم يدخل تحته من الأنواع؟ الاسم المفرد: إن زيداً لقائم، لأن قائم ليس كرضيا.

الفعل المضارع: (إن الله ليعلم)، كما سبق.

الجملة الاسمية: ((وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي)) [الحجر:٢٣].

الظرف والجار والمجرور.

الماضي الجامد الذي ليس كرضي، إن زيداً لنعم الرجل، وإن زيداً لعسى أن يقوم، وإن زيداً لبئس ما صنع، نقول: هذه كلها داخلة في قوله: ما كرضي، وَلاَ يَلِي ذِي ... وَلاَ مِنَ الأَفْعَالِ مثل الذي رضيا، ما عداه يجوز، فإن كان الفعل مضارعاً دخلت اللام عليه، ولا فرق بين المتصرف وغير المتصرف، وإنما ذكر رضي وهو متصرف هذا في الفعل الماضي احترازاً من الجامد فيجوز على الصحيح، وأما الفعل المضارع فسواء كان متصرفاً أم لا، (إن الله ليعلم)، (إن زيداً ليذر الشر): هذا غير متصرف، ما سمع إن يذر، ليس له ماضٍ، هذا إذا لم تقترن به السين أو سوف، فإن اقترنت به: إن زيداً سوف يقوم أو سيقوم ففي الجواز خلاف، وصحح ابن عقيل جوازه إذا كان سوف، وأما السين فقليل.

وإن كان ماضياً غير متصرف؛ كنعم وبئس، فظاهر كلام الناظم هنا: كَرَضِيَا؛ أنه يجوز أن تدخل عليه لام الابتداء: إن زيداً لنعم الرجل، وإن عمرواً لبئس الرجل، لماذا؟ لأن الفعل الجامد كالاسم، الفعل الجامد مثل الاسم، الأصل في الاسم أنه جامد ومثله الفعل الجامد، وهذا مذهب الأخفش والفراء، والمنقول أن سيبويه لا يجيز ذلك.

إذاً: لا يلي اللام فعل مثل رضي، هذا الشرط الكم؟ وَلاَ يَلِي ذِي الَّلامَ مَا قَدْ نُفِيَا

أولاً: ألا يكون منفياً، بأن يكون الخبر مثبتاً.

ثانياً: ألا يكون ماضياً متصرفاً غير مقترن بـ (قد)، يدخل تحت هذا خمسة أنواع: المفرد، والجملة الفعلية -الفعل المضارع-، نعم وبئس -الجامد، الجملة الاسمية. إذاً: يستثنى هذا النوع فحسب.

وَلاَ يَلِي ذِي اللاَّمَ مَا قَدْ نُفِيَا ... وَلاَ مِنَ الأَفْعَالَ مَا كَرَضِيَا

ثم قال:

وَقَدْ يَلِيَهَا

قد يليها ما هو؟ رضي. قلنا: رضي الأصل أنه لا يلي.

وَلاَ مِنَ الأَفْعَالَ مَا كَرَضِيَا: لا يليها.

ثم قال: وَقَدْ يَلِيَهَا. إذاً: استثناء.