للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اسْتَكَنّ قد يظن الظان بأن المراد به الضمير إذا اسْتَكَنّ، يعني: استتر، وليس الأمر كذلك، وإنما المراد به أنه ضمير حذف؛ لأن (أن) إذا خففت -حتى قبل التخفيف- هي حرف، والحرف لا يتحمل ضمير، بل الاسم الجامد لا يحتمل ضمير، فالحرف من باب الأولى، إذاً: فـ: اسْتَكَنّ المراد به حذف من اللفظ، ولو عبر عن الضمير بكونه مستكناً مرداً به هذا مجازٌ كما سيأتي.

فَاسْمُهَا اسْتَكَنّ: أي: حذف من اللفظ وجوباً، ونوي وجوده لا أنها تحملته؛ لأنها حرف، وأيضاً ضمائر النصب لا تستكن، إنما الذي يستكن ويستتر هو ضمائر الرفع أما النصب فلا.

فيجب في اسمها كونه مضمراً محذوفاً وهو ضمير الشأن على رأي ابن الحاجب، أنه ضمير الشأن.

اسْتَكَنّ، نقول: تجوز في قوله: استكن -هذامن باب المجاز-، وإنما هو محذوف، إذ لا يستكن الضمير إلا في الفعل أو ما أجري مجراه، وفي حاشية الملوي على المكودي، قوله: استكن من إطلاق الملزوم على اللازم؛ لأن الاستكان مستلزم للإضمار، وعدم الذكر في اللفظ، والمستكن ملزوم للضمير الغير الملفوظ؛ لأن كل مستكن مضمر كذلك ولا عكس، كالمنصوب ضمير وليس مستكناً، المستكن ضمير، وقد يكون ضميراً ليس مستكناً، المستكن يكون ضميراً؛ لأنه لا يكون إلا مرفوعاً، لكن كل ضمير مستكن؟ الجواب: لا، إذاً: بينهما عموم وخصوص مطلق؛ لأن كل مستكن مضمر كذلك ولا عكس كالمنصوب، فأراد بـ: اسْتَكَنّ أضمرا، أي: جعل ضميراً غير ملفوظ به؛ لأن الإضمار يستعمل أيضاً بمعنى الحذف، فاستعمل المشترك في معنييه، وعدل عن الحذف إلى الاستكان، ليشعر بأن اسمها لا يكون إلا ضميراً.

إذاً قوله اسْتَكَنّ المراد به أنه ضمير محذوف، وليس المراد به أنه مستتر، كما هو الشأن في فاعل قم ونحوها.

وَالْخَبَر اجْعَلْ جُمْلَةً منْ بَعْدِ أَنّ: إذاً: كأنه عين لك الاسم، لا يكون إلا ضميراً محذوفاً، -وهذا على رأي ابن الحاجب-.

وَالْخَبَر اجْعَلْ جُمْلَةً: أي: اجعل الْخَبَرَ -هذا مفعول أول-.

جُمْلَةً: مفعول ثانٍ.

منْ بَعْدِ أَنّ: يعني: اجعله جملة، وهنا أطلق الجملة، قد تكون جملة اسمية، وقد تكون جملة فعلية، وفهم منه أنه لا يكون مفرداً؛ لأنه قال: (وَالْخَبَر اجْعَلْ جُمْلَةً).

إذاًَ: لا يكون مفرداً، فإن جاء مفرداً حينئذٍ نقول هذا شاذ، يحفظ ولا يقاس عليه، بل يجب أن يكون خبر أن المخففة: جملة اسمية أو فعلية على تفصيل آت.

منْ بَعْدِ أَنّ: أَنّ هذا يقال فيه بأنه: وضع الظاهر موضع المضمر هنا، لماذا؟ لأنه الأصل أن يقول: وَالْخَبَرَ اجْعَلْ جُمْلَةً مِنْ بَعْدِ أَنْ، لا يعيد (أن)، وإنما يأتي بالضمير، وهنا وضع الظاهر موضع المضمر –للضرورة-.