للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فتحتاج إلى قرينة، ولهذا يجوز بعدها أن تقول: بل رجلان أو رجال، فإن ثُنِّيَ اسمها أو جُمِعَ كانت في الاحتمال مثل (لا) العاملة عمل (إن) إذا ثُنِّيَ اسمها أو جُمِعَ.

حينئذٍ نقول: (لا) النافية للجنس إذا كان اسمها مثنًى أو جمعاً هي مثل (لا) التي تعمل عمل ليس إذا ثني اسمها أو جمع لا فرق بينهما كلاهما محتمل لهذا وذاك، وأما المفرد في باب (لا) النافية للجنس والمفرد في باب (لا) التي تعمل عمل ليس هو الذي يقع فيها النزاع والانفصال، فالتي لنفي الجنس نص في نفي الجنس، والتي تعمل عمل ليس هي محتملة وظاهرة في نفي الجنس.

فالاختلاف بين العاملة عمل (إن) والعاملة عمل ليس إنما هو عند إفراد الاسم -عند المفرد فقط، إذا كان اسمها مفرداً-، وما عداه الأصل ينظر فيه إلى القرائن.

والمهملة كالعاملة عمل ليس، يعني إذا أبطل عمل (لا) التي لنفي الجنس، فحينئذٍ نقول: هذه هل هي باقية على أصلها في كونها لنفي الجنس نصاً؟ نقول: لا هي كالعاملة عمل ليس ظاهرة في العموم ومحتملة للوحدة.

هذا الفرق بين النوعين (لا) التي لنفي الجنس و (لا) التي تعمل عمل ليس، وهذا فرق جوهري يحتاجه الأصولي.

"لاَ" الَّتِي لِنَفْيِ الْجِنْس أو النافية للجنس أي: لصفته وحكمه، المراد بالجنس هنا -نفي الجنس-: حكم الجنس وصفة الجنس، وإلا فالجنس لا ينفى؛ لأنه معنى وحقيقة في الذهن، إذا قيل: قدر مشترك، هذا لا وجود له في الخارج إنما هو وجود في الذهن، حينئذٍ لا ينفى بل هو باق.

للجنس أي: جنس اسم (لا)، من حيث اتصافه بالخبر، وإلا فليس المنفي الاسم بل الخبر، هذا هو الأصل أن المنفي عن رجل هو كينونته في الدار وليس هو عين الرجل، فالمنفي حينئذٍ حكمه حكم الاسم؛ لأن الاسم ذات، فلا تنفى الذوات.

"لاَ" الَّتِي لِنَفْيِ الْجِنْس، (لا) المحمولة على (إن) لأن (لا) المشبهة بـ (ليس) قد تكون نافية للجنس.

عَمَلَ إِنَّ اجْعَلْ لِلاَ فِي نَكِرَهْ ... مُفْرَدَةً جَاءَتْكَ أَوْ مُكَرَّرَهْ

لِلاَ: هذا جار ومجرور متعلق بقوله: اجْعَلْ.

وعَمَلَ إِنَّ: هذا مفعول به مقدم منصوب لـ اجْعَلْ.

اجْعَلْ عَمَلَ إِنَّ لِلاَ، وما هو عمل (إن)؟ نصب المبتدأ ورفع الخبر اجعله لِلاَ، انقله للا، فدل على الفرعية، حينئذٍ (لا) التي لنفي الجنس تعمل عمل (إن) بالحمل على (إن)، فليست هي مساوية لها من كل وجه، نستفيد من هذا أن الشيء إذا حمل على شيء آخر كان المحمول عليه أقوى في العمل، وكان له من التوسع في الأحكام ما ليس للمحمول أصلاً وهو (لا) التي لنفي الجنس.

إذاً: عَمَلَ إِنَّ اجْعَلْ لِلاَ نعلم أن (لا) هذه أدنى وأقل أحكاماً من (إن) التي هي الأصل، حينئذٍ ليس كل ما ساغ هناك يسوغ هنا؛ لأن (لا) هذه عامل ضعيف؛ لأنها في الأصل لا تعمل، وإذا أعملت حينئذٍ نقول: إعمالها ضعيف، بل الحروف كلها إعمالها ضعيف.