الموضع الثاني أشار إليه بقوله: أَوْ مُفْهِمٍ ذَاتَ حِرِ: بمعنى أنه مؤنث تأنيث حقيقي، إذا أسند الفعل إلى اسم ظاهر وهذا الاسم مؤنث تأنيثاً حقيقياً بمعنى أن له فرج، كما قال هنا: مُفْهِمٍ ذَاتَ حِرِ: يعني صاحبة فرج، وهذا هو المؤنث الحقيقي، نحو: قامت هند وقامت الهندان وقامت الهندات، قامت هند وقامت الهندان هذا متفق عليه، وأما قامت الهندات؛ هذا محل نزاع، وسيأتي في موضعه.
إذاً: أَوْ: هذه (أَوْ) للتنويع.
مُفْهِمٍ ذَاتَ حِرِ: أو فعل أسند إلى فاعل ظاهر متصل، أو فعلاً مسنداً إلى ظاهر، فحينئذٍ نقول: يجب تأنيث الفاعل، وهذا مقيد بالبيت الذي يليه.
وَقَدْ يُبِيْحُ الْفَصْلُ تَرْكَ التَّاءِ فِي ... نَحْوِ أَتَى الْقَاضِيَ بِنْتُ الْوَاقِفِ
يعني: ولم يفصل بين عامله مطلقاً، لم يفصل بينه وبين عامله، ولم يكن العامل نِعْم وبئس، ليس كل مؤنث حقيقي التأنيث أسند إليه فعل صار واجباً لا، بل لا بد أن يكون متصلاً به، فتقول: قامت هند؛ متصل بالعامل، أما إذا قلت: حضرت اليوم هند؛ هذا يجوز فيه الوجهان للانفصال.
أَوْ مُفْهِمٍ ذَاتَ حِرِ: يعني أن يسند الفعل إلى اسم ظاهر.
ذَاتَ حِرِ: يعني مؤنث تأنيث حقيقي، والحِرِ: المراد به الفرج، يعني: صاحبة فرج، يعني تلد، سواء كان من العقلاء أو من غيرهم، وحينئذٍ نقول: هذا مما يجب فيه التأنيث وهو المؤنث الحقيقي، بشرط الاتصال، وأُخذ هذا الشرط من البيت الذي بعده، وبشرط: أن يكون العامل غير نِعْم وبئسِ:
وَالْحَذْفَ فِي نِعْمَ الْفَتاةُ اسْتَحْسَنُوا .. سيأتي مستثنى.
إذاً: بهذين القيدين، حينئذٍ يجب التأنيث، وهذه كلها محل وفاق لا خلاف فيها.
الثاني: أن يكون الفاعل ظاهراً متصلاً.
حقيقي التأنيث، نحو: قامت هند، وهو المراد بقوله: أَوْ مُفْهِمٍ ذَاتَ حِرِ، وأصل حِرِ: حِرِحٌ، فحذفت لام الكلمة، وفهم من كلامه أن التاء لا تلزم في غير هذين الموضعين، فلا تلزم في المؤنث المجازي الظاهر فتقول: طلع الشمس وطلعت الشمس، ولا في الجمع على ما سيأتي تفصيله.
إذاً: يجب تأنيث الفاعل في موضعين اثنين لا ثالث لهما، وأشار إلى الحصر بقوله: وَإِنَّمَا، وحينئذٍ نقول: هذه شروط له، لكن ينبغي تقييد الثاني: أَوْ مُفْهِمٍ ذَاتَ حِرِ بشرطين: الاتصال، وهذا مفهوم من البيت الذي يليه، وكذلك: أن يكون الفاعل نِعمْ وبئس، وحينئذٍ نقول: جاز نعمت المرأة هند ونعم المرأة هند، مع أن المرأة هذه ذَاتَ حِرِ صاحبة فرج، ومع ذلك جاز فيه الوجهان، هذا مستثنى لما سيأتي في محله.
وَقَدْ يُبِيْحُ الْفَصْلُ تَرْكَ التَّاءِ فِي ... نَحْوِ أَتَى الْقَاضِيَ بِنْتُ الْوَاقِفِ
قلنا: السابق: أَوْ مُفْهِمٍ ذَاتَ حِرِ بشرط الاتصال، فإن انفصل؟ قلنا: مسألتان موضعان يجب فيهما التأنيث، انتهينا منهما، الآن سيشرع في جائز التأنيث.
وَقَدْ يُبِيْحُ الْفَصْلُ: فصل ماذا؟ العامل عن المؤنث الحقيقي، أما المؤنث المجازي وإن كان داخلاً في كلامه إلا أنه سواء فصل أو لم يفصل حينئذٍ يجوز فيه الوجهان: طلعت الشمس وطلع الشمس، وإن لم يفصل، حتى لو فصل نقول: طلعت الشمس وطلع الشمس؛ يجوز فيه الوجهان.