للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذاً: جمع المؤنث السالم عند الناظم يجوز فيه الوجهان، فتقول: قامت الهندات وقام الهندات، وهذا مذهب أبي علي الفارسي، ولكن لما لم يكن هذا مشهوراً إلا عن الكوفيين وأرادوا حمل ابن مالك على مذهب البصريين قدروا محذوفاً: سوى السالم من مذكر والسالم من مؤنث على أنه حذف للواو مع ما عطفت، وهذا ضعيف؛ لأن المذهب موجود مستقر، وهو مذهب أبي علي الفارسي، وله أدلته، وهو موافق لمذهب الكوفيين، وإنما خالفهم في مسألة واحدة فحسب، فهو داخل في مذهب الكوفيين إلا أنه في مسألة واحدة خالفوه.

وحينئذٍ نقول: الناظم هنا يرى أن جمع المؤنث السالم يجوز فيه الوجهان، وأما تحميله ما لم يحتمل نقول: هذا فيه بعد.

وَالتَّاءُ مَعْ جَمْعٍ: نقول: حق كل جمع أن يجوز فيه الوجهان وهو التأنيث والترك، هذا الأصل فيه. حق كل جمع أن يجوز فيه الوجهان، إلا أن سلامة نظم الواحد في جمعي التصحيح الذي هو المؤنث والمذكر أوجبت التذكير في نحو: قام الزيدون، والتأنيث في نحو: قامت الهندات، وخالف الكوفيون فيهما، يعني: في الوجهين، ووافقهم في الثاني أبو علي الفارسي، واحتجوا بقوله تعالى: ((آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ)) بَنُو هذا هم احتجوا به على أنه جمع مذكر سالم، وحينئذٍ أنث مع وجود الفصل، فيدل على أنه جمع مذكر سالم وقد ألحقت به التاء، لكن جواب هذا نقول: بأن (بني) هذا ليس بجمع مذكر سالم، هذا ملحق بجمع المذكر السالم.

كذلك: ((إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ)) جَاءَكَ ما قال: جاءتك، فُصِل بينهما، هم احتجوا بهذا على أنه يجوز ترك التاء مع المؤنث إذا كان حقيقي التأنيث وهو جمع مؤنث سالم. وقال: جَاءَكَ ولم يقل: جاءتك، فدل على جواز الترك، وأجيب: بأنه تُرك التأنيث للفاصل هنا.

وقوله: فَبَكَى بَنَاتِي، كما قال الشاعر:

فَبَكَى بَنَاتِي شَجْوَهُنَّ وَزَوْجَتِي ... والظَّاعِنُونَ إِلَيَّ ثُمَّ تَصَدَّعُوا

بَكَى بَنَاتِي، بَنَاتِ قالوا: هذا جمع مؤنث سالم، أو جمع تكسير، وهم يريدونه على أنه جمع مؤنث سالم، وفيه إشكال، فحينئذٍ قال: بَكَى ولم يقل: بكت، فدل على أنه يجوز ترك التأنيث مع جمع المؤنث السالم.

وأجيب: بأن البنين والبنات لم يسلم فيهما نظم الواحد.

إذاً لو قيل: بأن بعضه جمع مذكر إلا أنه ليس بحقيقي.

إذاً: أجيب بأن البنين والبنات لم يسلم فيهما نظم الواحد، وبأن التذكير في: ((جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ)) بالفصل، أو لأن الأصل: النساء المؤمنات، والنساء هذا مما يجوز فيه الوجهان؛ لأنه اسم جمع، أو لأن (أل) مقدرة باللاتي وهو اسم جمع.

((إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ)) (أل) هذه مقدرة باللاتي، وحينئذٍ جاز فيه الوجهان: الترك وعدمه وهو التأنيث.

وَالتَّاءُ مَعْ جَمْعٍ سِوَى السَّالِمِ مِنْ ... مُذَكَّرٍ كَالتَّاءِ مَعْ إِحْدَى اللَّبِنْ