للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذا أيضاً تخصيص لقوله: أَوْ مُفْهِمٍ ذَاتَ حِرِ، قلنا هناك: نقيد العامل بأن لا يكون نِعْم وبئس، لأن فاعل نِعم وبئس يقصد به الجنس، والجنس في أصله مذكر، ولما كان في معنى الاستغراق للأفراد صار في معنى الجمع فجاز تأويله بالمذكر وتأويله بالمؤنث، يعني: جمع أو جماعة.

وَالْحَذْفَ فِي نِعْمَ الْفَتاةُ اسْتَحْسَنُوا

الْحَذْفَ: هذا مفعول به، لقوله: اسْتَحْسَنُوا، يعني: رأوه حسناً، هو مستحسن وإن كان الإثبات أحسن منه، وحينئذٍ اسْتَحْسَنُوا: ليس المراد أنه مرجح لا، وإنما هو حسن في نفسه، ولا يلزم منه أن يكون هو أحسن من حيث الترك.

وَالْحَذْفَ فِي نِعْمَ الْفَتاةُ: يعني في قولك: نِعْمَ الْفَتاةُ، وهو ما كان الفاعل فيه مؤنثاً حقيقي التأنيث وأسند إلى نِعْمَ وأخواتها، وهو كل فاعل مسند إلى جنس المؤنث الحقيقي.

اسْتَحْسَنُوا: رأوه حسناً.

لأَنَّ قَصْدَ الْجِنْسِ فِيهِ بَيِّنُ: هذا بيان للعلة، لفظ الجنس مذكر، ويجوز التأنيث على مقتضى الظاهر؛ لأنه في ظاهره امرأة، نعم المرأة نعم الفتاة في اللفظ هو مؤنث حقيقي، ولكن في المعنى نقول: (أل) هذه للجنس، وإذا كان كذلك حينئذٍ فيه معنى الجماعة، وإذا كان كذلك صار ملحقاً بالجمع في المعنى.

نَعْم الفتاة، نعمت الفتاة، نعمت الفتاة هذا باعتبار اللفظ، نِعْم الفتاة باعتبار المعنى؛ لأن (أل) هذه للجنس، فتفيد استغراق الأفراد وحينئذٍ صار مذكراً.

لأَنَّ قَصْدَ الْجِنْسِ فِيهِ

فِيهِ: في ماذا؟ في الفاعل الْفَتاةُ، في فاعل نِعْم وبئس لأَنَّ قَصْدَ الْجِنْسِ فِيهِ بَيِّنُ -ظاهر-، فالمسند إليه الجنس، و (أل) في الفتاة جنسية، خلافاً لمن زعم أنها عهدية.

إذاً: هذا النوع نقول: يجوز فيه الوجهان، وليس بواجب، فهو استثناء من قوله: أَوْ مُفْهِمٍ ذَاتَ حِرِ؛ بأنه إذا كان العامل نِعْم وبئس جاز الوجهان والإثبات أولى وأرجح.

وَالْحَذْفَ: قلنا: هذا مفعول به للتاء.

فِي نِعْمَ الْفَتاةُ: في فعل مسند إلى جنس مؤنث حقيقي.

اسْتَحْسَنُوا: يعني رأوه حسناً، وهو مستحسنٌ في نفسه وإن كان الإثبات أحسن منه؛ لأَنَّ قَصْدَ الْجِنْسِ فِيهِ بَيِّنُ، ظاهر واضح، بين لكل سامع أن المراد جنس المرأة وجنس الفتاة.

إذاً: الحاصل: أن الفعل ومثله الوصف إذا أسند إلى فاعل وهذا الفاعل مؤنث؛ حينئذٍ تلحق أو يلحق الفعل علامة تدل على تأنيثه، ثم هذه العلامة قد تكون لازمة واجبة وقد تكون جائزة.

واللازم يكون في موضعين:

أولاً: المؤنث الحقيقي الذي ليس مفصولاً بينه وبين عامله، وليس عامله نِعْم وبئس.

إذاً: المؤنث الحقيقي الذي ليس مفصولاً وليس عامله نِعْم وبئس.

ثانياً: أن يكون ضميراً مستتراً عائد إلى مؤنث مطلقاً، يعني: سواء كان حقيقي أو مجازي.

والجائز يكون في أربعة مسائل:

الأول: أن يكون المؤنث اسماً ظاهرياً مجازي التأنيث، طلع شمس وطلعت الشمس، وجاء في القرآن: ((قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ)((جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ)) هذا وذاك، والتأنيث أرجح في هذه.

الثاني: أن يكون المؤنث اسماً ظاهرياً حقيقي التأنيث فصل من عامله بغير (إلا)، "حضرت الْقَاضِيَ بِنْتُ الْوَاقِفِ"، والتأنيث أرجح.

الثالث: أن يكون العامل نِعْم وبئس.