للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأما المفعول فحينئذٍ يجوز لعدم التباسه بالمبتدأ أن يتقدم على العامل، ((فَرِيقاً هَدَى)) هدى فريقاً، فريقاً هدى، عمْراً ضرب زيد، وحينئذٍ نقول: جاز تقدم المفعول على الفاعل، وحينئذٍ أيضاً مثل السابق يجوز ويجب.

قال الشارح: الأصل أن يلي الفاعل الفعل من غير أن يفصل بينه وبين الفعل فاصل؛ لأنه كالجزء منه، ولذلك يُسَكَّنُ له آخر الفعل، إن كان ضمير متكلم أو مخاطب نحو: ضربتُ وضربتَ، وإنما سكنوه كراهة توالي أربع متحركات، وهم إنما يكرهون ذلك في الكلمة الواحدة، فدل ذلك على أن الفاعل مع فعله كالكلمة الواحدة.

وَالأَصْلُ فِي الْمَفْعُولِ أَنْ يَنْفَصِلَ من الفعل بأن يتأخر عن الفاعل، ويجوز تقديمه على الفاعل إن خلا مما سيذكره، فتقول: ضرب زيداً عمرو، زيداً: هذا مفعول به تقدم على الفاعل، وهذا معنى قوله: وَقَدْ يُجَاءُ بِخِلاَفِ الأَصْلِ.

وأشار بقوله: وَقَدْ يَجِي الْمَفْعُولُ قَبْلَ الْفِعْلِ؛ إلى أن المفعول قد يتقدم على الفعل، وهذا نوعان كما أن الأول نوعان، يعني كل منهما قد يكون جائزاً وقد يكون واجباً.

وَقَدْ يُجَاءُ بِخِلاَفِ الأَصْلِ ... وَقَدْ يَجِي الْمَفْعُولُ قَبْلَ الْفِعْلِ

يجب تقديمه إذا كان المفعول مما له صدر الكلام كاسم الشرط واسم الاستفهام، مثل ماذا؟ أي رجل ضربتَ؟ ضربت أي رجل، ضربت التاء هذا فاعل، وأي رجل تقدم على العامل، ما حكمه؟ نقول: يجب تقديمه، لماذا؟ لأنه له صدر الكلام، وهذا محل وفاق.

أياً تضرب أضرب، ((أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)) نقول: هذا شرط وهو مفعول به وجب تقديمه على عامله.

الثاني: أن يكون المفعول ضميراً منفصلاً ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ)) أصلها: نعبدك، تقدم هنا المفعول على الفاعل -على العامل- وجوباً، لماذا؟ لأنه لو تأخر لاتصل، وقد أريد بهذا التركيب القصر والحصر، وهذا لا يوجد مع الاتصال، فوجب الانفصال، ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ)) فلو أخر المفعول للزم الاتصال وكأنه يقال: نعبدك، فيجب التقديم لإرادة الحصر، بخلاف قولك: الدرهم إياه أعطيتك؛ فإنه لا يجب تقديم (إياه)؛ لأنك لو أخرته لجاز اتصاله وانفصاله على ما تقدم في باب المضمرات، وهو باب سلنيه وسلتنيه.

الموضع الثالث: أن يكون العامل في المفعول واقعاً في جواب (أما)، ((فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)) -هذا التركيب- ((فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)) نقول: الْيَتِيمَ هنا واجب التقديم؛ لأنه تلا (أمَّا)، وهذا سيأتي في موضعه.

إذاً: في هذه الثلاث المواضع يجب تقديم المفعول على العامل. ((وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ)) هذا تقديراً، وهذا سيأتي في محله.

والثاني: ما يجوز تقديمه وتأخيره نحو: ضرب زيد عمْراً.

ثم قال رحمه الله تعالى:

وَأَخِّرِ الْمَفْعُولَ إِنْ لَبْسٌ حُذِرْ ... أَوْ أُضْمِرَ الْفَاعِلُ غَيْرَ مُنْحَصِرْ

أَخِّرِ الْمَفْعُولَ أَخِّرِ: هذا أمر، والفاعل أنت.