وَلُزُومُهُ: هذا معطوف على تعدي بالرفع، تَعَدِّي مرفوع هذا، تَعَدِّي الفِعلِ، تَعَدِّي: هذا مبتدأ، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف وهو أولى، هذا باب تعدي الفعل، لكن الذي أردته أن تقول: تعدي مبتدأ أو خبر مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على الياء المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين، تعدي الفعل، أنت ما تقول: تعديي الفعل، إنَّما: تعدي الفعل.
إذاً: مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على الياء المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين، تَعَدِّي: مضاف، والفِعلِ: مضاف إليه.
وَلُزُومُهُ، أي: لزوم الفعل أيضاً من إضافة الصفة إلى الموصوف، والتعدي واللزوم يتصف بهما الفعل والاسم، فيقال: هذا اسم متعدي كضارب، وتقول: هذا اسم لازم كجالس، سيأتينا أن اسم الفاعل يعمل عمل فعله، إن كان متعدياً رفع ونصب، وإن كان لازماً رفع ولم ينصب، فهو يعمل عمل الفعل.
إذاً: يوصف الفعل بكونه متعدياً وكذلك لازماً، ويوصف الاسم بكونه متعدياً ولازماً، إلا أن الوصف الفعلي هو الأصل؛ لأن عمل اسم الفاعل واسم المفعول محمول على الفعل، فحينئذٍ صار فرعاً فيه.
قسَّم لك الناظم الفعل إلى قسمين: إما متعدي وإما لازم، فالقسمة عنده محصورة في اثنين لا ثالث لهما، حينئذٍ أورد بعضهم (كان وأخواتها) وبعض الأفعال المتعدية بنفسها وبحرف جر، يعني: تارة تتعدى بحرف جر وتارة تتعدى بنفسها.
فـ (كان وأخواتها) هذه ترفع وتنصب، كان زيد قائماً، كان: فعل ماضي، وزيد: اسمها، وقائماً: خبرها، هل نصف (كان) بكونها متعدية لأنها نصبت؟ إن قيل: بأن الاسم هنا فاعل حقيقة كما قد قيل به، وقائماً مفعول به حقيقة كما قد قيل به فلا إشكال في كونها متعدية، وإن قيل: لا، بل يسمى الاسم فاعلاً مجازاً، وقائماً يسمى مفعولاً به مجازاً، والأصل أن (كان) لا تنصب مفعولاً به البتة ولذلك لا يعرب مفعولاً به، وحينئذٍ صارت ناقصة، ولذلك جمهور النحاة على إثبات الواسطة بين المتعدي واللازم، فعندهم الأفعال ثلاثة: متعدي ولازم -وهذه التي اعتنى بها الناظم في الأبيات-، ولا متعدي ولا لازم، لا يوصف بهذا ولا بذاك وهو (كان وأخواتها).
بقي نوع جاء فيه تعديه بالحرف وجاء تعديه بنفسه، شكرته وشكرت له؛ جاء هذا وذاك. نصحته ونصحت له، هذا تعدى بنفسه شكرته ونصحته وتعدى بحرف الجر، إذا تعدى بنفسه فهو متعدي، وإذا تعدى بحرف الجر فهو لازم، لأننا قلنا: الأصل هنا في التقسيم والتقعيد والتأصيل المراد به المتعدي بالوضع، وأما المتعدي بالحرف فليس داخلاً معنا، قلنا: تعدي الفعل ولزومه المراد بالمتعدي هنا ما تعدى بحسب الوضع بنفسه، مباشرة تعدى إلى المفعول فنصبه، ضربت زيداً، أما مررت بزيد وإن كان مفعولاً به في المعنى إلا أنه ليس مراداً هنا.