صاحب المصباح فلا لزوم لذكرها وإن كانت غير قاسية كما قال الرضى وجب ذكرها بالاطراد وإلا فما معنى ذكرها مرة وإهمالها أخرى فهذا أحد الحروف التي ربكت غير واحد من فحول العلماء وبقي النظر في قول المصنف ولما أعياني الطلاب فإنه كان يمكنه مع عزة شأنه ورفعة قدره أن يحصل على بعض الكتب التي نقل منها الإمام الفيومي في المصباح كما ذكر في آخر كتابه من جملتها البارع لأبي علي القالي البغدادي والتهذيب للأزهري وهما من أمهات الكتب وسيأتي بسط الكلام على هذا المعنى. قوله شرعت في كتابي الموسوم باللامع المعلم العجاب الجامع بين المحكم والعباب فهما غرتا الكتب المصنفة في هذا الباب ونيرا براقع الفضل والآداب قلت الذي عليه الشراح أن المصنف لم يتم من كتاب اللامع إلا خمس مجلدات فقط ولكن يلمح من قوله في القاموس في باب الهاء الفاكهة الثمر كله وقول مخرج التمر والعنب والرمان منها مستدلا بقوله تعالى فيهما فاكهة ونخل ورمان أو لعله ذكر ذلك في باب آخر وقوله غرتا الكتب الخ ليس صحيح على الإطلاق فإن العباب غير تام كما تقدم والمحكم أقل رواية عن العرب من التهذيب فإن مؤلف التهذيب شافه العرب كان يسألهم عما أنكره من رواية اللغويين فكثيرا ما يقول هذا الحرف لم أسمعه من العرب أو سألت العرب عنه فلم يعرفوه وما أشبه ذلك فإن قيل أن لغة العرب في زمانه لم تكن سالمة من اللحن فلم يكن الاستشهاد بها حجة قلت أن الجوهري احتج بكلام العرب الذين شافههم وقبل منه ذلك ثم ابن البارع لأبي على البغدادي الذي قال فيه ابن طرخان أنه يحتوي على مائة مجلد وفي رواية ابن خلكان خمسة آلاف كراس وإنه لم يصنف مثله في الإحاطة والاستيعاب وابن جامع القزاز الذي قال فيه المحشي نقلا عن أرباب الفن أنه ما ألف في اللغة أكبر منه ولا أجمع وأين لسان العرب الذي جمع المحكم والتهذيب والصحاح وحواشي ابن بري عليه والنهاية لابن الأثير والجمهرة فإن قيل أن المصنف لم يطلع على هذه الكتب وإلا لذكرها قلت هذا القول لا تقوم به حجة فإنه ذكر في آخر الخطبة أن كتابه صريح ألفي مصنف من الكتب الفاخرة وسنيح ألفي قلمس من العيالم الزاخرة فكيف يحتمل أن هذه الكتب لم تكن في جملة الألفين ولعلي أعود إلى هذا الموضوع لأنه من أهم الأمور وإعادة ما بهم تحقيقه ليس بها محذور. وبقي النظر في التوفيق بين قول المصنف الجامع بين المحكم والعباب وقوله غير أني خمنته في ستين سفرا يعجز تحصيله الطلاب فإن هذين الكتابين لا يبلغان ستين سفرا فإن قيل أن ذلك من الزيادات التي إليها كما صرح به قلت مدار هذه الزيادات على أسماء أعلام وأمكنة أو وصف أدوية أذكر أشياء لا تعلق لها باللغة كحكاية الفقاس واللوف ونحو ذلك وهب إنها كانت في حجم الكتابين فلا يبلغ ستين سفرا إلا أن المراد بالسفر هنا جزء صغير خلافا لما عرفه هو به