وعليه يفسد قول المصنف المحيط كما لا يخفى وتمام الغرابة أن المحشي فسر القاموس بالبحر نقلا عن المصنف وقال ولا يحتاج إلى النظر في المادة ولا مراجعة الغير فإن صاحب البيت أدرى بما فيه مع أن المصنف نفسه لم يجزم به كما مر وهبه جزم فما وجه نعته له أولا بالأعظم وزد على ذلك أن الشارح ذكر القومس البحر واسقط لفظة القاموس فإن المصنف قال قبل تعريفه القاموس القومس الأمير ومعظم البحر كالقاموس وأغرب من ذلك كله أنه أي الشارح نقل القومس بمعنى البحر عن ابن ريد وهو لم يقل ذلك كما مرعن العباب ثم طالعت الجمهرة فوجدت فيها ما نصه القمس الغوص في الماء ومنه قاموس البحر وهو معظم مائه فانظر إلى هذا التخليط. وقوله ولما رأيت إقبال الناس على صحاح الجوهري وهو جدير بذلك غير أنه فاته نصف اللغة أو أكثر إما بإهمال المادة أو بترك المعاني الغريبة النادة قال المحشي وفي بعض النسخ ثلثا اللغة وهو الواقع في نسخة المحب وقيل أنه في النسخة الناصرية وهو يدل على أنه جمع اللغة كلها وأحاط بها بأسرها وهذا أمر متعذر لا يمكن لأحد من الآحاد على أن الجوهري لم يقصد الجمع والإحاطة وإنما التزم الصحة وجعلها شرطا فيما أورده وأراده على أن لصاحب الصحاح أن يدعي أحسنية كتابة وتفوقه على القاموس لأن جمع ما صح وإن قل أحسن من مطلق الجمع وليس الاعتماد على كثرة الجمع بل على شرط الصحة الذي فاق به الصحاح على جميع من تقدمه أو تأخر عنه ولم يصل شيء من مصنفات اللغة في كثرة التداول والاعتماد على ما فيه إلى ما وصل إليه الصحاح ولا نقصت شهرة ما قاله من التوسع في أبنية الكلمات وضبطها وذكر شواهدها وتصرفاتها ومشافهة العرب بمدلولاتها وذلك مما خلا عنه القاموس وغيره على أن المصنف أهمل كثيرا من الألفاظ التي ذكرها الجوهري مبسوطة مشروحة مع شدة الاحتياج إليها وتوقف الأمر عليها لا يقال أنه يغتفر في جنب ما زاد لانا نقول الالتزام بذكر ذلك والاعتراض والتبجح بإيراده صراحة وتعريضا وادعاء الإحاطة يمنع من ذلك كما هو ظاهر وقوله إما بإهمال المادة ظاهرة حصر الفوات وهي دعوى لا دليل عليها إذ لا يتحقق فوات شيء فضلا عن النصف أو الثلثين قال القرافي بقي شيء وهو أن عادته في القاموس غالبا أن يفسر المادة بعبارة يخترعها ومن عنده وصاحب الصحاح يأتي بها بالكلام العربي الفصيح ولا يخفاك (كذا) أن التصرف في اللغة غير معهود ولا يخلو غالبا من عدم المساواة خصوصا إذا كان المفسر غير عربي خالص قال ثم إن المصنف بين المواد التي أهملها الجوهري بالحمرة لكنه أهمل علامة ما زاده في المواد المشتركة مما تركه الجوهري فما يعلم قدر ما زاده إلا بعد مقابلة كتابه بالصحاح إذا لا علامة على التمييز وكان الجاري على مقتضى ما نبه عليه بالحمرة أن يجعل لما زاد علامة أخرى وفيما أودعه الجوهري من الشواهد والفوائد ما يقوم مقام تلك الزوائد اه وقوله أما بإهمال المادة قد عرفها