(وزَكيُّ رائحةِ الرياضِ كَلامُها ... تبغي الثَّناَء على الحيا فتفوحُ)
قال أبو الفتح: أي وكأن رائحة الرياض كلام منها وثناء على الحياء، أي: أعطني لأشكرك.
قال الشيخ: المعنى عندي بخلاف هذا، وما يتلوه يؤيدني، والرجل يقول: الرياض على عجزها عن الكلام شكر الحيا يذكر ريَّاها، ويُثني على المطر بنشرها ما في نسيم صباها جهد المقل، إذ لا لسان لها ولا بيان، فكيف بمثلي إذا تُوليه خيراً، واللسان فصيح؟ أي: كيف أسكت عن شكر عطائك لا عن انتظارك ورجائك؟ وبهذا البيت الثاني وضح بُطلان تفسيره وصح تبيان ما فسرناه، والثناء على الحيا بالجود الموجود كذلك شكر القائل للرفد المرفود، ولو كان الثناء لآتي المطر، وهذا الشكر لرفد المنتظر كان محالاً، لأن لا ثناء على انتظار الأمل، ولا شكر على الرجاء والتوقع.